للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما أول من صنف الصحيح المعتبر عند أئمة الحديث الموصوف بالاتصال وغير ذلك من الأوصاف فأول من جمعه البخاري ثم مسلم كما جزم به ابن الصلاح١ وأما قول مغلطاي إن أحمد أفرد الصحيح فقد أجاب عنه الشيخ ابن الصلاح في التنبيه السادس من الكلام على الحديث الحسن انتهى كلام ابن حجر.

قلت: يريد حيث قال الشيخ ابن الصلاح٢ كتب المسانيد غير ملحقة والكتب الخمسة التي هي الصحيحان وسنن أبي داود وسنن النسائي وجامع الترمذي وما جرى مجراها في الاحتجاج بها والركون إلى ما ورد فيها مطلقا كمسند أبي داود الطيالسي ومسند عبيد الله بن موسى ومسند اسحق ومسند عبد بن حميد ومسند الدرامي ومسند أبي يعلي الموصولي ومسند الحسن بن سفيان ومسند البزار أبي بكر وأشباهها فهذه عادتهم فيها أن يخرجوا في مسند كل صحابي ما رووه من حديثه غير متفيدين بأن يكون حديثا محتجا به أولا فلهذا أخرت مرتبتها وإن جلت لجلالة مؤلفيها عن مرتبة الكتب الخمسة انتهى.

ثم قال الحافظ: وأما ما يتعلق بالدرامي فتعقبه الشيخ زين الدين بأن فيه الضعيف والمنقطع لكن بقي مطالبة مغلطاي بصحة دعواه أن جماعة أطلقوا على مسند الدرامي كونه صحيحا فأنى لم أر ذلك في كلام أحد ممن يعتمد عليه.

ثم قال: كيف ولو أطلق عليه ذلك من يعتمد لكان الواقع بخلافه لما في الكتاب المذكور من الأحاديث الضعيفة والمنقطعة والموضوعة والموطأ في الجملة أنظف أحاديث وأتقن رجالا منه ومع ذلك كله فلستأسلم أن الدارمي صنف كتابه قبل تصنيف البخاري الجامع لتعاصرهما ومن ادعى عليه ذلك فعليه البيان. انتهى.

قلت: ومن ادعى تقدم تصنيف البخاري على تصنيف الدارمي فعليه البيان أيضا وكأنه اغتر الحافظ العلائي٣ بكلام مغلطاي فإنه قال ينبغي أن يجعل مسند الدارمي سادسا للخمسة بدل ابن ماجة فإنه قليل الرجال الضعفاء، ناذر الأحاديث المنكرة وإن كان فيه أحاديث مرسلة وموقوفة فهو مع ذلك أولى من سنن ابن ماجه،


١ علوم الحديث ص "٢٥".
٢ علوم الحديث ص "٥٦".
٣ العلائي هو: الشيخ الإمام العلامة صلاح الدين أبو سعيد خليل بن كيكلدي الشافعي. قال الذهبي: حافظ يستحضر الرجال والعلل، وتقدم في هذا الشأن. "٧٦١", له ترجمة في: شذرات الذهب "٦/١٩٠"، والنجوم الزاهرة "١٠/٣٣٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>