للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثلاثة شروط زادها ابن الصباغ وكأن دليله عليها أنه يبعد أن يحفظ واحد ولا يحفظ جماعة ومجلس السماع والشيخ واحد فإن الوهم يتطرق إلى الواحد دون الجماعة.

ولهذا تنتقض القاعدة المشهورة بأن من حفظ حجة على من لم يحفظ بالتخصيص بمثل هذه الصورة ولم يستدل المصنف لهذا القول كما لم يستدل لغيره ولعله يقول دليل قبولها مطلقا ما علم من دليل وجوب قبول خبر الآحاد وبهذا احتج من قبل الزيادة مطلقا وهم الأولون فقالوا إن الراوي إذا كان ثقة وانفرد بالحديث من أصله كان مقبولا فكذلك انفراده بالزيادة ورد هذا الاحتجاج من لم يقبله بأنه ليس كل حديث تفرد به أي ثقة كان مقبولا كما سبق بيانه في نوع الشاذ وبالفرق بين تفرد الراوي بالحديث من أصله وبين تفرده بالزيادة فإن تفرده بالحديث لا يتطرق نسبة السهو والغفلة إلى غيره من الثقات إذ لا مخالفة في روايته لهم بخلاف تفرده بالزيادة إذا لم يروها من هو أتقن منه حفظا وأكثر عددا فإن الظن غالب بترجيح روايتهم على روايته ومبني هذا الأمر على غلبة الظن واحتج بعض الأصوليين أنه من الجائز أن يقول الشارع كلاما في وقت فيسمعه شخص ويزيده في وقت آخر فيحضره غير الأول ويؤدي كل ما سمع وبتقدير اتحاد المجلس فقد يحضر أحدهما في أثناء الكلام فيسمع ناقصا وبضبطه الآخر تاما أو ينصرف أحدهما قبل تمام الكلام ويتأخر الآخر وبتقدير حضورهما فقد يذهل أحدهما أو يعرض له ألم أو جوع أو فكر شاغل أو نحو ذلك من العوارض ولا يعرض لمن حفظ الزيادة.

وأجيب عن هذا بأن الذي يبحث فيه المحدثون في هذه إنما هو في زيادة أحد روايتي التابعين فمن بعدهم أما الزيادة الحاصلة من بعض الصحابة على صحابي آخر إذا صح السند إليه فلا يختلفون في قبولها كما في حديث أبي هريرة في الصحيحين في قصة آخر من يخرج من النار وأنه تعالى يقول له بعد ما يتمنى "لك ذلك ومثله معه" وقال أبو سعيد الخدري أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لك ذلك وعشرة أمثاله معه" ١ ونحوه من الأمثلة كثير وأنما الزيادة التي يتوقف أهل الحديث في قبولها من غير الحافظ حيث يقع في الحديث الذي يتحد مخرجه كمالك عن نافع عن ابن عمر إذا روى الحديث جماعة من الحفاظ الإثبات العارفين بحديث ذلك


١ البخاري في: الرقاق: ب ٥١, وابن ماجة في: الزهد: ب ٣٩, وأحمد ١/٤٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>