للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكرنا ما سردنا من الأمثلة فتكون طريقا تسلك أمثالها في أمثاله.

ولما ذكر المصنف أنه ما اختلف فيه كلام راويه أو رواته أبان أنه مقيد بقيد التساوي فقال "وإنما يسمي مضطربا إذا تساوت الروايتان المختلفان في الصحة" ولا يخفى أنه كان ينبغي ذكر هذا القيد في رسم المضطرب "وإن ترجحت إحداهما لم يطلق عليه اسم الاضطراب على الراجح" إذ الذي عارضه كالعدم لمرجوحيته "والحكم حينئذ له" أي للراجح وأما حكم الاضطراب فأشار إليه بقوله "والاضطراب يوجب ضعف الحديث لإشعاره بعد ضبط رواته" فإن كان واحدا فظاهر وإن كان أكثر من واحد فقد اشترك الكل في عدم الضبط وإنما يزول عن البعض بالترجيح.

"ومن أمثلة مضطرب المتن حديث فاطمة بنت قيس المرفوع" قالت سألت أو سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الزكاة فقال: "إن في المال لحقا سوى الزكاة" رواه الترمذي ١ هكذا" بإثبات حق في المال غير الزكاة "ورواه ابن ماجه٢ عنها" عن فاطمة بن قيس بلفظ "ليس في المال حتى سوى الزكاة وإسناده واحد عن شريك عن أبي حمزة عن الشعبي عنها" قال الزين فهذا الاضطراب لا يحتمل التأويل وقول البيهقي إنه لا يحفظ لهذا اللفظ الثاني إسناد معارض بما رواه ابن ماجه. انتهى.

وقال البقاعي هذا لا يصح أن يكون مثالا لمضطرب المتن أما أولا فلان أبا حمزة شيخ شريك ضيعف فهو مردود من قبل ضعف راويه لا من قبل اضطرابه وأما ثانيا فإنه يمكن تأويله بأنها روت كلا اللفظين عنه صلى الله عليه وسلم ويكون الحق المثبت في اللفظ الأول المراد به الحق المستحب الذي لم يجب كصدقة النفل وإكرام الضعيف ونحو ذلك كما يقال حقك واجب علي والحق المنفي في اللفظ الثاني هو الفرض وقوله مردود من قبل الضعف وذلك أن الشرط في المضطرب أن يكون علة رده هو الاضطراب لا غير ولولاه لكان صحيحا.

"ومثال الاضطراب في الإسناد ما وقع في إسناده حديث أبي هريرة مرفوعا في السترة" للمصلى "فإن لم يجد عصا فليحفظ حظا" فإنهم اضطربوا في اسم بعض رواته اضطرابا كثيرا" وذلك أن الحديث رواه أبو داود وابن ماجه٣ من رواية إسماعيل بن أمية


١ رقم ٦٥٩, ٦٦٠. والدارقطني ٢/١٢٥, وابن عدي ٤/١٣٢٨.
٢ رقم ١٧٨٩, والإتحاف ٤/١٠٥.
٣ أبو داود ٦٨٩. وابن ماجة ٩٤٣. وأحمد ٢٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>