للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصفة كذب أو غلط فإذا أقر غلط لم نرتب في ذلك.

قال الحافظ ابن حجر: في نكته علىابن الصلاح بعد سرده لما ذكر ما لفظه:

تنييه: أخل المصنف بذكر أشياء ذكرها غيره مما تدل على الوضع من غير إقرارالواضع.

منها: جعل الأصوليين من دلائل الوضع أن يخالف العقل ولا يقبل تأويلا بحال لأنه لا يجوز أن يرد الشرع بما ينافي مقتضى العقل وقد حكى الخطيب هذا في أول كتابه الكفاية تبعا للقاضي أبي بكر الباقلاني وأقره فإنه قسم الأخبار إلى ثلاثة أقسام ما تعرف صحته وما يعلم فساده وما يتردد بينهما ومثل الثاني بما يدفع العقل صحته بموضوعها والأدلة المنصوصة فيها نحو الأخبار عن قدم الأجسام وما أشبه ذلك ويلحق به ما يدفعه الحس والمشاهدة كالخبر بالجمع بين الضدين كقول الإنسان أنا الآن طائر في الهواء ومكة لا وجود لها.

ومنها: أن يكون خبرا عن أمر جسيم كحصر العدو للحاج عن البيت ثم لا ينقله منهم إلا واحد لأن العادة جارية بتظاهر الأخبار في مثل ذلك.

قلت: ويمثله الأصوليون بقتل الخطيب على المنبر ولا ينقله إلا واحد من الحاضرين.

ومنها: ما يصرح بتكذيب روايته جمع كثير يمتنع في العادة تواطؤهم على الكذب وتقليد بعضهم بعضا.

ومنها: أن يكون مناقضا لنص الكتاب أو السنة المتواترة أو الإجماع القطعي.

ومنها: أن يكون فيما يلزم المكلفين علمه وقطع العذر فيه فينفرد به واحد.

وفي تقييدنا السنة بالمتواترة احتراز عن غر المتواترة فقد أخطأ من حكم بالوضع بمجرد مخالفة مطلقا وأكثر من ذلك الجوزقاني في كتاب الأباطيل وهذا إنما يأتي حيث لا يمكن الجمع بوجه من الوجوه أما مع إمكان الجمع فلا كما زعم بعضهم أن الحديث الذي رواه الترمذي وحسنه من حديث أبي هريرة لايؤمن عبد قوما فيخص نفسه بدعوة دونهم فإن فعل فقد خانهم١ موضوع لأنه قدصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في دعائه: "اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب" ٢ وغير ذلك لأنا نقول يمكن حمله على مالم يشرع


١ في: الصلاة: ب ١٤٨. وأحمد ٥/٢٦٠.
٢ البخاري ١/١٨٩. ومسلم في: المساجد: حديث ١٤٧. وأبو داود في: الافتتاح: ب ٨, وأحمد ٢/٢٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>