للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العشرة فسألة عن حديث من تلك الأحاديث المقلوبة فقال البخاري لا أعرفه ثم سأله عن آخر فقال لا أعرفه فلم يزل يلقي إليه واحدا بعد واحد فلما فرغ من عشرته والبخاري يقول لا أعرفه انتدب إليه الثالث والرابع إلى تمام العشرة حتى فرغوا كلهم من الأحاديث المقلوبة والبخاري لا يزيدهم على لا أعرفه فلما علم البخاري أنه قد فرغوا التفت إلى الأول منهم فقال أما حديثك الأول فهو كذا وأما حديثك الثاني فهو كذا والثالث والرابع على الولاء حتى أنى على العشرة فرد كل متن إلى إسناده وكل إسناد إلى متنه وفعل بالآخرين مثل ذلك رد متون الأحاديث كلها إلى أسانيدها وأسانيدها إلى متونها فأقر الناس له بالحفظ وأدعنوا له بالفضل١.

قال الحافظ ابن حجر: سمعت شيخنا يريد به الحافظ العراقي غير مرة يقول ما العجب من معرفة البخاري بالخطأ من الصواب في الأحاديث لا تساع معرفته وإنما نتعجب منه في هذا لكونه حفظ موالاة الأحاديث على الخطأ من مرة واحدة.

قال الحافظ ابن حجر: وممن امتحنه تلاميذه بذلك محمد بن عجلان روينا في المحدث الفاضل٢ لأبي محمد الزامهرمزي ثنا عبد الله بن القاسم بن نصر ثنا خلف بن سالم ثنا يحيى بن سعيد القطان قدمت الكوفة وفيها محمد بن عجلان وفيها ممن يطلب الحديث مليح بن الجراح وفيها وكيع وحفص بن غياث ويوسف بن خالد السمتي فكنا نأتي محمد بن عجلان فقال يوسف السمتي هل نقلب عليه حديثه حتى ننظر فهمه قال ففعلوا فما كان عن سعيد جعلوه عن أبيه وما كان عن أبيه جعلوه عن سعيد قال يحيى فقلت: لهم لا أستحل هذا فدخلوا عليه فأعطوه الجزء فمر فيه فلما كان عند آخر الكتاب انتبه الشيخ فقال أعد فعرض عليه فقال ماكان عن أبي فهو عن سعيد وما كان عن سعيد فهو عن أبي ثم أقبل على يوسف فقال أن كنت أردت سبتي وعيبي فسلبك الله الإسلام وقال لحفص ابتلاك الله في يديك وقال لمليح لا ينفعك الله بعلمك قال يحيى فمات مليح قبل أن ينتفع بعلمه وابتلى حفص في يديه بالفالج وفي دينه بالقضاء ولم يمت يوسف حتى اتهم بالزندقة.


١ أنظر: سيرة أعلام النبلاء ١٢/٤٠٨- ٤٠٩, وفتح المغيث للعراقي١/١٣٩- ١٤٠. والنكت ٢/٦٤١- ٦٤٤.
٢ ص ٣٩٨- ٣٩٩. وانظر النكت ٢/٦٤٥- ٦٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>