والثاني: أن عائشة رضي الله عنها كانت عدالتها معلومة عنده صلى الله عليه وسلم فلا تحتاج إلى تعديل وتزكية وإنما سؤاله صلى الله عليه وسلم الجارية من باب الاستثبات في باب الأخبار وقرائن الأحوال لا ليستفيد تزكية مجهول الحال التي هي مسألة الباب ولكنه أخذ منه الخطيب أنه يلزم من هذا شرعية السؤال عن تزكية من جهل حاله.
"قال" مقتضى السباق أن القائل الخطيب ولم أره عنه بل في شرح الألفية لم ينسبه إلى قائل "وفي" رواية "الصغير المميز الموثوق به" الذي لم يجرب عليه كذب "وجهان" أحدهما قبوله ومن يقبله لا يشترط في قبول الرواية بلوغ الراوي "حكاهما البغوي" نسبة إلى بغشور بلدة بين هراة وسرخس والنسبة بغوي على غير قياس معرب كوشر أي الحفرة المالحة قاله في القاموس وفي طبقات الأسنوي أن محيى السنة وهوالحسين بن مسعود منسوب إلى بغي بفتح الباء وهي قرية بخراسان بين هراة ومرو "والجويني منسوب" إلى جوين كزبير كورة بخراسان وبلدة بسرخس كما فيه أيضا "والرافعي والنووي" نسبة إلى نوى وتخفض بلدة بالشام وقرية بسمر قند والنووي من الأولى كما قاله فيه أيضا "وقيد الرافعي والنووي الخلاف بالمراهق وصححا عدم القبول".
هذا النقل من شرح منظومه الزين ولفظه بعد ذكر البغوي والجويني وتابعهما الرافعي إلا أنه قيد الوجهين في التيمم بالمراهق وصحح في شرح المهذب عن الجمهور عدم القبول وتبعه عليه النووي وقيده في استقبال القبلة بالمميز وحكى عن الأكثرين عدم القبول وحكى النووي في شرح المهذب عن الجمهور قبول أخبار الصبي المميز فيما طريقه المشاهدة بخلاف ما طريقه النقل كالإفتاء ورواية الأخبار انتهى.
"قال" أي ابن الصلاح ومقتضى ما سبق أن القائل الخطيب وليس كذلك كما ستعرفه "ومما تثبت به العدالة الإستفاضة والشهرة فلا يحتاج" من اشتهر بها "إلى توثيق وهو الصحيح من مذهب الشافعي" قال ابن الصلاح: وعليه الإعتماد في أصول الفقه ثم قال: "وممن ذكره من أهل الحديث الخطيب" ومثل لذلك بمالك وشعبة والسفيانين والأوزاعي والليث وابن المبارك ووكيع وأحمد بن حنبل ويحيى بن معني وعلي بن المديني ومن جرى مجراهم في نباهة الذكر واستقامة الأمر فلا يسأل عن عدالة هؤلاء وأمثالهم وإنما يسأل عن عدالة من خفى أمره عن الطالبين.
ولم يذكر المصنف دليل هذه الدعوى وهكذا يصنع كثيرا ولا يليق به وقد استدل