أدخل عليها فحدثته من وراء حجاب وأي شيء هذا وقد كانت كبرت وأسنت "إنما تكلم عليه بالتدليس وشيء من سوء الحفظ" قد عرفت مما نقلناه عدم صحة هذا الحصر.
"لكنه كان بينه وبين مالك وحشة" قال وهيب سألت مالكا عن محمد بن اسحق فاتهمه وقال يحيى بن سعيد الأنصاري أبان ومالك يجرحان ابن اسحق "ولعل ذلك بسبب الاختلاف في الاعتقاد فقد كان محمد بن اسحق يرى رأي المعتزلة في بعض المسائل" تقدم كلام ابن نمير إنه رمى بالقدر وكان أبعد الناس منه وقال أبو داود قدري معتزلي "وكان مالك يشدد في ذلك ثم إنه بلغ مالكا أن ابن اسحق قال اعرضوا على علم مالك فأنا بيطاره" تقدم من رواها "فحين بلغه ذلك أغضبه فقال إنه دجال أي كذاب" فقد قاله حال الغضب فلا اعتباره به "ومن الجائزات" على بعد "أن يريد مالك" كذاب "في اعتقاده أو في حديثه الذي يهم فيه على بعد هذه العبارة من إطلاقها على من يهم في عرفهم" فالحمل على ذلك بعيد جدا.
"ولكن حال الغضب مع العداوة في الدين يقع فيها مثل هذا إما لمجرد غلبة الطبع أو لمجرد أدنى تأويل" وعلى كل تقدير فلا يقبل ولا يعمل به لأن الجرح إخبار عن حكم شرعي وقد نهى رسول الله صلى الله لعيه وسلم أن يحكم الحاكم وهو غضبان والأصح عدم صحة حكمه في حال غضبه كما قررناه في سبل السلام.
"واعلم أن التعارض بين التعديل والتجريح إنما يكون" تعارضا "عند الوقوع في حقيقة التعارض" إذ الكلام في ذلك وهو ما يتعذر فيه الجمع بين القولين "أما إذا أمكن معرفة ما يرفع ذلك فلا تعارض البتة مثال ذلك أن يجرح هذا بفسق قد علم وقوعه منه ولكن علمت توبته أيضا والجارح جرح قبلها" قبل التوبة فإنه لا تعارض بين الجرح والتعديل على هذا "أو يجرح بسوء حفظ مختص بشيخ أو بطائفة والتوثيق يختص بغيرهم أو سوء حفظ مختص بآخر عمره لقلة حفظ أو زوال عقل وقد تختلف أحوال الناس فكم من عدل في بعض عمره دون بعض ولهذا كان السعيد من كان خير عمله خواتمه فإذا اطلع على التاريخ" أي تاريخ روايته وتاريخ اختلاطه "فهو مخلص حسن وقد اطلع عليه في كثير من رجال الصحيح جرحوا بسوء الحفظ بعد الكبير والصحيح" من أحاديثهم "روى عنهم قبل ذلك" فلا تعارض.