يحفظون حديثهم ولا يحسنون قراءته من كتبهم ولا يعرفون ما يقرأ عليهم بعد أن تكون القراءة عليهم من أصل سماعهم وذلك" أي وجه الأكتفاء بما ذكر وكأنه نقل كلام البيهقي بمعناه وعبارة ابن الصلاح بلفظ ووجه ذلك يعني البيهقي بأن الأحاديث التي قد صحت أو وقفت بين الصحة والسقم قد دونت في الجواع التي جمعها أئمة الحديث ولا يجوز أن يذهب على جميعهم وإن جاز أن يذهب على بعضهم لضمان صاحب الشريعة حفظها "لتدوين الحديث في الجوامع التي جمعها أئمة الحديث".
"قال" البيهقي "فمن جاء اليوم بحديث لا يوجد عند جميعهم" أي الأئمة الجامعين للأحاديث التي عرفت عندهم "لم نقبل منه" لأنه يبعد أن لا يأتي أحد من الأئمة في كتبهم "ومن جاء بحديث معروف عندهم فالذي يرويه" حال كونه "لا ينفرد بروايته" بل رواه غيره "فالحجة قائمة بحديثه من رواية غيره" فأن قيل فما فائدة السماع منه فجوابه قوله "والقصد بروايته والسماع منه أن يصير الحديث مسلسلا بحدثنا وأخبرنا وتبقى هذه الكرامة" وهي سلسلة الإسناد بلفظ التحديث والأخبار "التي خصت بها هذه الأمة" فإنه لم يكن ذلك في الأمم الماضية "شرفا" خبر ليبقى على أنه فعل ناقض على قول أو مفعول له أو حال من الكرامة "لنبينا صلى الله عليه وسلم" تبقى أخباره على هذه الطريقة التي لا انقطاع فيها١.
قلت: ولا يعزب عن ذهنك أن المصنف قد سرد في آخر بحث المرسل هذه الفائدة وزاد عليها فائدتين فتذكر "وكذا الاعتماد في روايتهم على الثقة المفيد لهم لا عليهم" والحاصل أنه لما كان الغرض أولا معرفة التعديل والتجريح وتفاوت المقامات في الحفظ والإتقان ليتوصل بذلك إلى التصحيح والتحسين والتضعيف حصل التشديد بمجموع تلك الصفات ولما كان الغرض آخرا هو الاقتصار في التحصيل على مجرد وجود السلسلة السندية اكتفوا بمامر ذكره وتقريره "وهذا كله توصل من الحفاظ إلى حفظ الأسانيد إذ ليسوا من شرط الصحيح إلا على وجه المتابعة فولا رخصة العلماء لما جارت الكتابة عنهم" لأنهم ليسوا على شرط من كتب حديثه "ولا" جازت "الرواية إلا عن قوم منهم" انتهى كلام الحافظ البيهقي.
"قال زين الدين وهذا هو الذي استقر عليه العمل قال الذهبي في مقدمة كتابه
١ علوم الحديث ١٠٩. وفتح المغيث للعراقي ٢/٣٥, وفتح الباقي ١/٣٤٧- ٣٤٨.