تكلم عليهم لشيء في حفظهم" فعلى هذا كل تلك العبارات مراد بها خفة الضبط لا غير "ولهذا لا يكذبون كأهل المرتبة الأولى ولا يتهمون بذلك ولا يترك حديثهم ولا يقال في واحد منهم ليس بثقة" فكل هؤلاء هم أهل المرتبة الثانية من مراتب التعديل لكن لا يخفى أن أهل المرتبة الثانية من قيل فيه متقن ثبت حافظ ضابط حجة ثقة وهذه الألفاظ تنافي عبارات أهل الرابعة والخامسة إذ هي ضعيف منكر الحديث ضعفوه ونحوها وكأنه أشار بقوله "فتأمل" إلى هذا فإن أهل المرتبة الرابعة والخامسة أرفع من أن يقال في أحدهم ليس بثقة كمن ذكرنا من أهل المرتبة الثانية من مراتب التجريح.
"الفائدة الثانية: أن أهل المرتبة الثالثة من مراتب التجريح أرفع من أن يقال لأحدهم ليس بثقة ولا يتهمون بالكذب مع أن حديثهم مردود ومطروح لقولهم فيها فلان ردوا حديثه أو مردود الحديث أو ضعيف جدا فبهذا تعرف أن أهل المرتبة الثالثة أيضا ممن لا يكذب ولايتهم بذلك" الكذب ولا ينزل إلى من يوصف بأنه غير ثقة لترفعه عن تعمد ذلك ولكنهم أهل وهم كثير حكم برد حديثهم لأجل ذلك فقط فعلى هذا قولهم فلان ليس بشيء أو لاشيء أو لا يساوي شيئا يعني كثير الوهم وإنما قلت: ذلك لأن التهمة والحكم بقي الثقة هو حكم أهل المرتبة الثانية حيث قالوا فيهم فلان منهم فلان ليس بثقة وكل ما حكم به على أهل مرتبة لم يحكم به على من هو أرفع منها وإلا لتداخلت المراتب وضاع التقسيم.
"الفائدة الثالثة: أنك لا تصف أهل مرتبة بصفة من فوقهم ولا" تصفهم بصفة "من دونهم" وذلك لأن لأهل كل مرتبة أحكاما وأوصافا تختص بها "ولا تقول في الكذاب" أي فيمن وصفوه بذلك "أنه متهم بالكذب لأن الأولى تفيد أنه معروف به والثانية تيفد نفي ذلك" وإنما عنده مجرد تهمة "ولا تقول في الكذاب متروك الحديث وإلا أن تشك في أنه كذاب وتحقق أنه متروك" لأنه من أهل المرتبة الثالثة على غير قول ابن أبي حاتم وكذاب من أهل الأولى على قوله.
"فإن قلت: أليس الكذاب متروك الحديث قلنا بلى" أي متروك الحديث "ولكن قد صار ترك الحديث عبارة عمن لم يعرف بأنه كذاب" فقد فرق العرف بينهما وإن تصادفا في الحكم وهو ترك حديث كل منهما "كما أن الكذاب ضعيف غير قوي ولا يقال فيه ذلك" أي أنه متهم بالكذب "لأنه يفيد أنه عدل صدوق ولكنه يهم في حديثه" كما يفيده إطلاق متهم عليه "فإن أحببت أن تقول كذا ب متروك الحديث فلا بأس لأن الإيهام قد