للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"الفائدة السابعة أن هذه الألفاظ الجارحة" إسناد مجازي أي الجارح قائلها "إذا صدرت مع اختلاف الاعتقاد" بين الجارح والمجروح كفر يقي الأشعرية "و" المعتزلة أو صدرت "من الأقران" جمع قرن بكسر القاف وهو المثل "المتنافسين" المتحاسدين "أو" صدرت "عند الغضب" من الجارح على من يجرحه "أو نحو ذلك من الأسباب" فإن كان ذلك الجرح صاجرا عمن ذكر "فينبغي أن تكون دلالتها" أي الألفاظ الجارحة "على الجرح أضعف" من دلالتها عليه عند صدورها من غير من ذكر "فإن ذلك" أي الأختلاف ونحوه "من أسباب الجرح المجرد عند كثير منهم" أي من الجارحين "فإذا انضم إليه" أي إلى ما ذكر "أقل شيء مما ينجبر" به فلا يوجب قدحا "لولا مخالفة العقيدة انتهض" أي أقل شيء مما ينجبر لو اتفقت العقيدة "سببا للذم" من الجارحين "ومثيرا للوصم" بالصاد المهملة العيب.

"وقد يستحل بعضهم ذم الرجل لأجل بدعته" أي يجعل ذمه حلالا كأنه ليحذر الناس عن اتباعه على بدعته "غير قاصد بذمه لتضعيف حديثه" إلا أنه لا يعزب عنك أنه قد أخذ في رسم العدلة أن لايكون معها بدعة فالمبتدع حديثه مردود فكيف يقال لا يقصد تضعيف حديثه بذكر بدعته "فتؤخذ ألفاظ التجريح في ذلك الذم فيرد حديثه لأجلها" لأجل ألفاظ التجريح.

واستدل لما ذكر بقوله "ولقد تركوا حديث داود بن علي الأصيهاني الظاهري" قال الخطيب في تاريخه كان ورعا ناسكا زاهدا وفي كتبه حديث كثير لكن الرواية عنه عزيزة جدا وقال أبو إسحاق مولده سنة إثنين ومائتين وأخذ العلم عن إسحاق وأبي ثور وكان زاهدا متقللا وكتب ثمانبة عشر ألف ورقة وقال أبو إسحاق كان في مجلسه أربعمائة صاحب طيلسان أخضر وإنما تركوا الرواية عنه "لأجل قوله بأن القرآن محدث" قال الذهبي أراد داود الدخول على الإمام أحمد فمنعه وقال كتب إلى محمد بن يحيى الذهلي في أمره أنه زعم أن القرآن محدث فلا يقربنى فقيل يا أبا عبد الله إنه ينتقي من هذا وينكره فقال محمد ابن يحيى أصدق منه "وتطابقوا على تركه حتى عزت الرواية عنه مع ما في كتبه من الحديث الكثير وعبروا عنه بأنه متروك" لم أجد هذا التعبير عنه في الميزان وكأنه في غيره.

قلت: وإذ قد عرفت أنهم شرطوا في العدالة عدم البدعة وقد عرفت أن الحق أن القول بأن القرآن قديم أو محدث بدعة فردهم حديث داود جار على ما قعدوه في

<<  <  ج: ص:  >  >>