للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما سن السماع فاختلفوا فيها على أقوال:

الأول: أن أقله خمس سنين حكاه القاضي عياض في الألماع١ عن أهل الصنعة وقال ابن الصلاح: هو الذي استقر عليه عمل أهل الحديث المتأخرين.

وحجتهم في ذلك ما رواه البخاري في صحيحه ولانسائي وابن ماجه٢ من حديث محمود بن الربيع قال: عقلت من النبي صلى الله عليه وسلم مجة مجها في وجهي من دلو وأنا ابن خمس سنين, بوب عليه البخاري متى يصح سماع الصغير قال زين الدين٣ وليس في حديث محمود سنة متبعة إذ لا يلزم منه أن يميز الصغير تمييز محمود بل قد ينقص عنه وقد يزيد ولا يلزم منه أن لا يعقل مثل ذلك سنه أقل من ذلك ولا يلزم من عقل المجة أن يعقل غير ذلك مما سمعه انتهى.

قلت: على أنه أخبر عن نفسه ولم يكن منه صلى الله عليه وسلم قول ولا تقرير ولا رواه في حياته صلى الله عليه وسلم وإنما فيه دليل على جواز المجة في وجه الصبي مداعية له وتبريكا عليه وكأنه يقول الدليل أنه رواه محمود وعين وقت تحمله وقبله العلماء ولم يردوه فيكون إجماعا على ذلك ولئن سلم ففيه ما قاله الزين.

ثم مما يدل على عدم اعتبار حد معين لسن التحمل أنه روى الخطيب٤ بإسناده إلى القاضي أبي محمد عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الملبان الأصهاني قال سمعته يقول حفظت القرآن ولي خمس سنين وأحضرت عند أبي بكر بن المقري ولي أربع سنين فأرادوا أن يسمعوا لي ما حضرت قراءته فقال بعضهم إنه يصغر عن السماع فقال ابن المقري اقرأ سورة الكافرون فقرأتها فقال أقرأ سوة التكوير فقرأتها فقال لي غيره اقرأ سورة المرسلات فقرأتها ولم أغلط فيها فقال ابن المقري اسمعوا له والعهدة على.

وفي شرح السخاوي٥ أنه روى الخطيب من طريق أحمدبن نصر الهلالي قال:


١ ص ٦٢.
٢ البخاري في: العلم ب ١٨, وابن ماجة في: الطهارة: ب ١٣٦. وأحمد ٥/٤٢٧.
٣ فتح المغيث ٢/٤٥.
٤ ص ٦٤- ٦٥.
٥ ٢/١٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>