للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: لم لا يقال إنه قد ثبت أنه قال صلى الله عليه وسلم "لبيلغ الشاهد الغائب" ١ وقال "بلغوا عنى ولو آية" ٢ وهو خطاب للأمه الموجودين أو لمن شافهه بأن يبلغوا عنه ما أني به من عند الله من كتاب وسنة فهذه إجازة منه صلى الله عليه وسلم في الأبلاغ عنه ما جاء به فهو يروي القرىن عن جبريل عن الله تعالى ثم أمرنا بابلاغه فإذا عرفت فقولنا أخبرنا الله بكذا ممستندا إلى هذا الأمر الذي هو إجازة وزيادة وغايته أن يكون قولنا أخبرنا الله بكذا خبرا مرسلا لأسقاطنا الواسطة.

ولا يلزم أيضا أن يكون إخباره صلى الله عليه وسلم لنا عن الله بالقرآن وبالأحاديث القدسية التى بلغها إليه النلك خبرا مرسلا لأنه من الأخبار المعلوم صدقها فلذا وجب قبول خبره صلى الله عليه وسلم لأجل المعجزة فليس كالأخبار المرسلة في الروايات لأن المختبر هنا معصوم عن الكذب رواية عن غيره وقولا عن نفسه وصل خبره بذلك الواسطة وهو جبريل أو غيره من الملائكة أولا وقد صرح صلى الله عليه وسلم في بعض رواياته عن الله تعالى بذكر جبريل والأكثر حذفه.

وإذا تقرر هذا فلم يتم قول المنصف إنه لايتوقف قولناأخبرنا الله تعالى أنه أجازلنا الرواية عنه بل قد أجاز لنا تعالى الرواية عنه على لسان رسوله حيث قال {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ, وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} [الجمعة: ٢] فإنه معطوف على الأمين أو على ضمير مفعول يعلمهم فالصحابة معلمون له صلى الله عليه وسلم يعلمهم الكتاب والحكمة فالصحابة معلمون له صلى الله عليه وسلم يعلمهم الكتاب والحكمة والكل إخبار منه صلى الله عليه وسلم عن الله كما تقرر أن الحق أن السنةوحى وهى المراد بالحكمة في الآيه ثم أمرهم صلى الله عليه وسلم أن يعلموامن يأتي بعدهم ويبلغوهم الكتاب والحكمة ثم هلم جرا إلى إنقضاء دار التكليف.

وكل ذلك إخبار عن الله بالأخازة منه صلى الله عليه وسلم وهي أمره لهم بالابلاغ فإخباره صلى الله عليه وسلم عن ربه كله بالإجازة عنه تعالى فإن أمره تعلى له صلى الله عليه وسلم بإخباره لنا عنه أمره ونواهيه وكلامه هو عين الإجازة له بالابلاغ غايته أنه تعلى أوجب عليه ذلك الابلاغ كما أوجب صلى الله عليه وسلم على


١ البخاري ١/٢٦, ٣٧, ومسلم في: الحج: ب ٨٢: حديث ٤٤٦, وأحمد ٥/٤٥.
٢ البخاري ٤/٢٠٧, والترمذي ٢٦٦٩, والدارمي ١/١٣٦, وأحمد ٢/١٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>