قلت: وهذا يقوي ما قدمناه لك من أنه إبلاغ فلا أثر لمنعه عنه.
وقال السخاوي عن بعض علماء غفريقة أنه أشهد بالرجوع عما حدث به بعض من أخذ عنه لأمر نقمه عليه وكذلك عن بعض علماء الأندلس وقال لعله صدر عنهم تأدينا وتضعيفا لهم عند العامة لا لأنهم اعتقدوا صحة تأثيرة انتهى.
"وأقول إن النوعين الأولين قويان والأول أقوى" الأجازة بمعين لمعين وكأن قوته من حيث تعيين المسموع من أول الأمر وإلا فإن الصورة الثانية لا بد فيها من تعين المسموع ضرورة وإلا كانت إجازة بمجهول.
"وباقي أنواعها" أي الأجازة "ضعيف وفائدتهما" أي الأولين "اتصال الإسناد لا جواز العمل فإنه لا بد فيه من معرفة صحة النسخة المروي منها أما بمناولة أو بوجادة صحيحة كما سيأتي" الأمران معا "إلا أن تكون الأجازة لنسخة صحيحة معينة عند المجيز فتكون الإجازة لها مفيدة لاتصال الإسناد" لا حاجة إليه فقد علم "وجواز العمل وقد قصر مصنفوا علوم الحديث في بيان الحجج في الإجازة وطولوا الكلام بذكر أنواها وذكر "تعداد أسماء المختلين في كل نوع منها" وما كان يليق ترك الأدلة عليها.
* * *
مسألة:
"الرابع" من طرق الرواية "المناولة و" هي لغة العطية ومنه حديث الخضر: "فحملوهما بغير نول" ١ أي عطاء واصطلاحا إعطاء الطالب شيئا من مروياته مع إجازته له به صريحا أو كناية وأخرت عن الإجازة مع أنها أعلى منها على المعتمد لأنها جزء لأول نوعيه.
والأصل فيها ما علقه البخاري حيث ترجم له في العلم من صحيحه أنه صلى الله عليه وسلم كتب لأمير السرية كتابا وقال له: "لا تقرأه حتى تبلغ مكان كذا وكذا" فلما بلغ المكان قرأه على الناس وأخبرهم بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وعزا البخاري الاحتجاج لبعض علماء الحجاز وقد وصله الطبراني في المعجم الكبير والبيهقي في المدخل
١ البخاري في: العلم: ب ٤٤, ومسلم في: الفضائل: حديث ١٧٠, وأحمد ١١٨.