للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معلومة بتعديل الله لهم وإخباره عن طهارتهم واختياره لهم فمن ذلك قوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: ١١٠] وقوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} [البقرة: ١٤٣] وقوله: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ} [الفتح: ١٨] وقوله: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ} [التوبة: ١٠٠] إلى آخر الآية وقوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال: ٦٤] وقوله: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ} إلى قوله: {إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: ٨] إلى آيات كثيرة وأحاديث شهيرة يكثر تعدادها.

وجميع ذلك يقتضي القطع بتعديلهم ولا يحتاج أحد منهم مع تعديل الله له إلى تعديل أحد من الخلق على أنه لو لم يرد من الله ورسوله شيء مما ذكرناه لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة والجهاد ونصرة الأسلام وبذل المهج والأوموال وقتل الآباء والأولاد والمناصحة في الدين وقوة الإيمان اليقين لقطع بتعديلهم والإعتقاد لنزاهتهم وأنهم أعدل من جميع المخالفون بعدهم الذين يجيثون من بعدهم هذا مذهب كافة العلماء ومن يعتمد قوله.

والأحاديث الوارده في تفصيل الصحابة كثيرة فمن ذلك ما رواه الترمذي وابن حبان في صحيحه١ من حديث عبد الله ابن المفضل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الله الله في أصحابي ولا نتحذوهم غرضا فمن أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فيبغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذاني الله ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه".

وقال أبو محمد بن حزم الصحابة كلهم من أهل الجنة قطعا قال الله تعالى: {لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} إلى قوله: {وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} [الحديد: ١٠] وقال: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: ١٠١] فثبت أن الجميع من أهل الجنة وأنه لا يدخل أحد منهم النار لأنهم المخاطبون بالآية السابقة.١هـ.

قال المازري متعقبا فإن قيل التقييد بالإنفاق والقتال يخرج من لم يتصف بذلك وكذلك التقييد بالإحسان في الآية السابقة يخرج من لم يتصف بذلك وهي أصرح آية


١ الترمذي ٣٨٦٢, وابن حبان ٢٢٨٤, وأحمد ٥/٥٤, ٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>