"وكذا منخالف من العلماء في هذه المسألة" وقال لا تقبل المرضعة "إنما خلف من أجل تعلقها بحقوق المخلوقين" فإن القواعد الشرعية قاضية بأنها لا تقبل دعوى على أحد إلا بما أشار إليه قوله "وكون عموم وجوب الإشهاد على كل دعوى واليمين على كل منكر كالمعارضين لهذه الواقعة" فألحقوا بهذا الفرد العام وقد حقق البحث في كتب الأحكام.
"وأما حقوق الله فخبر الواحد مقبول فيه ذكرا كان الواحد أو أنثى وفاقا والله أعلم فهذا" في الأدلة "من الأثر" زاد المصنف في العواصم ما لفظه الرابع وهو أثر صحيح ثابت في جميع دواوين الإسلام بل متواتر النقل معلوم بالضرورة وهو عندي حجة قوية صالحة للاعتماد عليها وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل عليا ومعاذا رضي الله عنهما إلى اليمن قاضيين ومفتيين ومعلمين ولا شك أن القضاء مرتب على الشهادة والشهادة مبنية على العدالة وهما لا يعرفان أهل اليمن ولا يخبران عدالتهما وهم بغير شك لا يجدون شهودا على ما تجري بينهم من المخصوصات إلا منهم فلولا أن الظاهر العدالة في أهل الإسلام في ذلك الزمان لما كان إلى حكمهما بين أهل اليمن سبيل.١هـ.
"ومن النظر" عطف على قوله من الأثر أي والأدلة على ما ذكر من النظر "ما ذكره الشيخ أبو الحسين في المعتمد فإنه قال ما لفظه واعلم أنه إذا ثبت اعتبار العدالة وجب أن كان لها ظاهر أن تعتمد عليه وإلا لزم اختبارها وإلا فلا شبيهة في أن بعض الأزمان كزمن النبي صلى الله عليه وسلم قد كانت العدالة منوطة بالإسلام وكان الظاهر من المسلم كونه عدلا ولهذا اقتصر صلى الله عليه وسلم على قبول خبر الأعرابي عن رؤية الهلال على ظاهر إسلامه واقتصر الصحابة على إسلام من كان يروي الأخبار من الأعراب".
قلت: لا يخفى أن هذا الدليل من باب الأثر لا من باب النظر وكأن المصنف يريد أن التفصيل الآتي من باب النظر وهو الذي أفاده قوله "فأما الأزمان التي كثرت فيها الخيانات ممن يعتقد الإسلام فليس الظاهر من إسلام الأنسان كونه عدلا فلا بد من اختباره وقد ذكر الفقهاء هذا التفصيل انتهى كلام الشيخ أبي الحسين وقد استوفيت الكلام في هذه المسالة في غير هذا الموضع".
قد قدمنا قريبا أن المصنف ساق في العواصم زيادة على ثلاثين حجة في ذلك ثم