كتاب مسلم كثير جدا فإنه يخرج الحديث على لفظ بعض الرواة ويحيل باقي ألفاظه والرواة على ذلك اللفظ يورده فتارة يقول مثله فيحمل على أنه نظيره وتارة يقول نحوه أو معناه فيحمل على أن فيهما مخالفة بالزيادة والنقص وفي ذلك من الفوائد ما لا يخفي.
السادسة: ما يقع فيها من الفصل للكلام المدرج في الحديث مما ليس من الحديث ويكون في الصحيح غير مفصل.
السابعة: ما يقع فيها الأحاديث المصرح برفعها وتكون في أصل الصحيح موقوفة أو كصورة الموقوفة.
إلى إن قال: فكملت فوائد المستخرجات بهذه الفوائد التي ذكرناها عشرا. انتهى.
وإذا عرفت أنه لا يجوز أن تعزي ألفاظه متون أحاديث المستخرجات إليهما ولا إلى أحدهما إلا أن يعرف اتفاقهما في اللفظ فقد وقع لجماعة خلاف هذا فلهذا قال المصنف "واعلم أنه قد يتساهل بعض المستخرجين فينسبون الحديث إلى البخاري أو مسلم وليس هو بلفظه فيهما" ولا يعزب عنك أنه قد سبق أن المستخرجين قد يأتون بألفاظه ليست من الكتاب الذي استخرجوا عليه بألفاظها، بل قد لا تكون بمعانيها وأنه لا يجوز لمن ينقل من المستخرجات أن يعزو ألفاظها إلى الصحيحين وهنا قال إنه قد يتساهل المستخرج نفسه وينسب الحديث إلى البخاري أو مسلم وليس كلام في المستخرج فإنه لا يتعرض لنسبة حديثه إليهما أو إلى أحدهما وإنما يسوق إسنادا لنفسه يجتمع قيه مع إسناد البخاري أو مسلم ولفظ ابن الصلاح الكتب المخرجة على كتاب البخاري أو كتاب مسلم لم يلتزم مصنفوها موافقتهما موافقتهما في ألفاظ الأحاديث بعينها من غير زيادة ولا نقصان إلى قوله وهكذا ما أخرجه المؤلفون في تصانيفهم المستقلة كالسنن الكبرى وشرح السنة لأبي محمد البغوي وغيرهما مما قالوا فيه أخرجه البخاري ومسلم. انتهى.
وبه تعرف أن التساهل ليس للمستخرجين بل للمؤلفين في تصانيفهم المستقلة أي التي ليس المراد بها الاستخراج على أحد الكتابين وبه تعرف أن قوله "وكذلك فعل البيهقي في السنن الكبرى والمعرفة وغيرهما" من كتبه "والبغوي في شرح السنة وغير واحد فإنهم يروون الحديث بأسانيدهم ثم يعزونه إلى البخاري أو مسلم مع اختلاف الألفاظ والمعاني" - صحيح في هؤلاء فإنه لم يقع العزو مع الاختلاف إلا لهؤلاء