للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الأمة بالقبول للصحيحين "وجه ترجيح".

اعلم أن معنى تلقي الأمة للحديث بالقبول هو أن تكون الأمة بين عامل بالحديث ومتأول له كما في غاية السول وغيرها من كتب الأصول وهذا التلقي لأحاديث الصحيحين يحتاج مدعيه في إثبات هذه الدعوى إلى دليل فتقول هذه الدعوى تحتاج إلى استفسار عن طرفيها هل المراد كل الأمة من خاصة وعامة كما هو ظاهر الإطلاق أو المجتهدون من الأمة وهو معلوم بأن الأول غير مراد فالمراد الثاني: وهو دعوى أن كل فرد فرد من مجتهدي الأمة تلقي الكتابين بالقبول ولا بد مت إقامة البينة على هذه الدعوى ولا يخفي أن إقامته عليها من المتعذرات عادة كإقامة البينة على دعوى الإجماع فإن هذا فرد من أفراده.

وقد جزم أحمد ابن حنبل وغيره بأن من ادعى الإجماع فهو كاذب وإذا كان هذا في عصره قبل عصر تأليف الصحيحين فكيف بعده مع أن هذا الإجماع بتلقي الأمة لها لا يتم إلا بعد عصر تأليفهما بزمان حتى ينتشروا يبلغا مشارق الأرض ومعاربها وينزلا حيث نزل كل مجتهد مع أنه يغلب في الظن أن في العلماء المجتهدين من لا يعرف الصحيحين فإن معرفتهما بخصوصهما ليست شرطا في الاجتهاد قطعا ولاحاصل منع هذه الدعوى.

ثم إن سلمت هذه الدعوى في هذا الطرق ورد سؤال الاستفسار عن الطرق الثاني: وهو هل المراد من تلقي الأمة لهذين الكتابين الجليلين معرفة الأمة بأنهما تأليف الإمامين الحافظين فهذا لا يفيد إلا صحة الحكم بنسبتهما إلى مؤلفيهما ولا يفيد المطلوب أو المراد تلقيها لك فرد فرد من أفراد أحاديثهما بأنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا هو المفيد للمطلوب إذا هو الذي رتب عليه الاتفاق على تعديل روايتهما إذا التلقي بالقبول هو ما حكم المعصوم بصحته ضمنا كما رسمه المصنف في كتبه وهو يلاقي معنى ما أسلفناه عن الأصوليين من أنه ما كانت الأمة بين متأول له وعامل به، إذ لا يكون ذلك إلا بما صح لهم ولكن هذه الدعوى لا يخفي عدم تسليمها في كل حديث من أحاديث الصحيحين غيرما استثنى إذ المعصوم هو الأمة جميعا أو مجتهدوها ولا يتم أن كل حديث حكم المعصوم بصحته ضمنا إذا ذلك فرع إطلاع كل فرد من أفراد المجتهدين على كل فرد من أفراد أحاديث الكتابين.

على أن التحقيق أن الأمة إنما عصمت عن الضلالة لا عن الخطأ كما قررناه في

<<  <  ج: ص:  >  >>