للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نجاسة "خفيفة" باعتبار كثرة المعفو عنه منها بما ليس في المغلظة لا في تطهيرها وإصابة الماء والمائعات لأنه لا يختلف تنجيسها بهما "فالغليظة كالخمر" وهي التي من ماء العنب إذا غلى واشتد وقذف بالزبد وكانت غليظة لعدم معارضة نص بنجاستها كالدم المسفوح عند الإمام والخفيفة لثبوت المعارض كقوله صلى الله عليه وسلم: "استنزهوا من البول" مع خبر العرنيين الدال على طهارة بول الإبل "والدم المسفوح" للآية الشريفة "أو دما مسفوحا" لا الباقي في اللحم.

ــ.

قوله: "بما ليس في المغلظة" متعلق بكثرة أي كثرة العفو بقدر ليس يعفى في المغلظة قوله: "لا في التطهير" مستدرك بقوله قريبا لا في كيفية التطهير قوله: "لأنه لا يختلف تنجيسها" أعاد ضمير الجمع للماء والمائعات باعتبار أفراد المائعات قوله: "كالخمر" هي غليظة باتفاق الروايات لأن حرمتها قطعية وسماها الله تعالى رجسا وفي باقي الأشربة المحرمة ثلاث روايات التغليظ والتخفيف والطهارة كذا في البدائع وينبغي ترجيح التغليظ كما في البحر ورجح في النهر التخفيف قوله: "إذا غلى" أي غليا شديدا بأن صار أسفله أعلاه وقوله واشتد أي أسكر وقوله وقذف بالزبد أي رمى رغوته وأزالها عنه وصار صافيا منها وهذا القيد الأخير إنما هو عند الأمام وأما عندهما فلا يشترط وعليه الفتوى قوله: "وكانت غليظة لعدم معارضة نص الخ" الضمير يرجع إلى مطلق غليظة لا الخمر فقط لأن مقصوده التمييز بين الغليظة والخفيفة وحاصله ان الإمام رضي الله عنه قال ما توافقت على نجاسته الأدلة فمغلظ سواء اختلفت فيه العلماء وكان فيه بلوى أم لا وإلا فهو مخفف وقالا ما اتفق العلماء على نجاسته ولم يكن فيه بلوى فمغلظ وإلا فمخفف ولا نظر للأدلة قال في الكافي وتظهر فائدة الخلاف في الروث والخثى لوجود الاختلاف فيهما مع فقد تعارض النصين فإن قوله صلى الله عليه وسلم في الروث انه رجس أو ركس لم يعارضه نص آخر فيكون عند الإمام مغلظا وعندهما مخففا لقول مالك وابن أبي ليلى بطهارته ومن حجة الإمام ان النص إذا انفرد عن معارضة نص آخر تأكد حكمه فحديث الروث لم يعارضه الاختلاف والنص حجة والاختلاف ليس بحجة قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: ٥٩] فأمر برد الخلاف إلى الكتاب والسنة وهما اعتبرا الاجتهاد كالنص قال الله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر ٢] فكما ثبت التخفيف بالنص يثبت بالاجتهاد ثم لا فرق عند علمائنا الثلاثة بين روث مأكول اللحم وغيره فالكل مغلظ عند الإمام مخفف عندهما وعن محمد ان الروث طاهر لا يمنع وان فحش رجع إلى هذا القول حين قدم الري مع الرشيد ورأى بلوى الناس ومن ثم قال مشايخنا قياسا على هذه الرواية طين بخارى لا يمنع جواز الصلاة وإن كره ولو كان مخلوطا بالعذرات كما في الكافي وغاية البيان قوله: "مع خبر العرنيين الخ" فإن قيل ان هذا الخبر منسوخ عنده فكيف تتحقق المعارضة أجيب بأن قوله بالنسخ اجتهاد ورأي ولم يقطع به فتكون صورة التعارض قائمة أفاده في الشرح قوله: "والدم المسفوح" أي.

<<  <   >  >>