للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كذا أو أطعمني كذا أو اقض ديني أو ارزقني فلانة على الصحيح لأنه يمكن تحصيله من العباد بخلاف قوله اللهم عافني واعف عني وارزقني "و" يفسدها "السلام بنية التحية" وإن لم يقل عليكم "ولو" كان "ساهيا" لأنه خطاب "و" يفسدها "رد السلام بلسانه" ولو سهوا لأنه من كلام الناس "أو" رد السلام "بالمصافحة" لأنه كلام معنى "و" يفسدها "العمل الكثير" لا القليل والفاصل بينهما أن الكثير هو الذي لا يشك الناظر لفاعله أنه ليس في الصلاة وإن اشتبه فهو قليل

ــ.

سؤال حاصله انكم جعلتم الكلام قليله وكثيره مفسدا وفصلتم في العمل بين قليله فلا يفسد وكثيره فيفسد وحاصل الجواب أنه إنما عفي عن القليل من العمل لأن بدن الحي لا يخلو عن حركة طبعا فلا يمكن الاحتراز عن قليلها فعفي ما لم يكثر ويدخل في حد ما لا يمكن الاحتراز عنه وليس الكلام كذلك فإن يمكن الاحتراز عن قليله لأنه ليس من طبعه أن يتكلم فلم يعف وعن نحو الأكل ناسيا في الصوم دون الصلاة لأن حالة الصلاة مذكرة دون الصوم اهـ قوله: "أو أقض ديني" تقدم أن هذا مما ورد في السنة وذكر في البحر عن المرغيناني ضابطا فقال الحاصل: أنه إذا دعا في الصلاة بما جاء في القرآن أو في المأثور لا تفسد صلاته وإن لم يكن في القرآن أو المأثور فإن استحال طلبه من العباد لا يفسد وإلا أفسد اهـ ملخصا من الشرح فجعل التفصيل بين ما استحال وما لم يستحل فيما لم يرد في القرآن والسنة وإنما خص الدعاء مع دخوله في عموم الكلام لوقوع الخلاف فيه فإن الإمام الشافعي رضي الله عنه يقول بعدم الفساد به فإن قيل الدعاء ليس بخطاب الآدمي فكيف يكون من كلام الناس قلنا لا يشترط في ذلك المخاطبة ألا ترى أن من قال قرأت الفاتحة مثلا تبطل صلاته وإن لم يكن بحضرته أحد يخاطبه كذا في التبيين قوله: "أو ارزقني" أشار به إلى الفرق بين طلب الرزق المقيد بنحو فلان فيفسد والمطلق كهذا فلا يفسد قوله: "بنية التحية ولو ساهيا" احترز به عن سلام التحليل فإنه لا يفسدها إذا كان ساهيا كما لو سلم على رأس الركعتين في الرباعية ساهيا إلا إذا سلم على ظن أنها ترويحة أو على ظن أنها الفجر فإنها تفسد كما إذا سلم في حال القيام في غير صلاة الجنازة قوله: "لأنه خطاب" لا يظهر فيما إذا لم يقل عليكم أو أن المراد شأنه أن يخالب به أو أنه لا يشترط في الكلام خطاب قوله: "بلسانه" قيد به لأنه لو رده بيده لا تفسد لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى قباء فجاء الأنصار فسلموا عليه قال عمر قلت لبلال كيف النبي صلى الله عليه وسلم حين كانوا يسلمون عليه وهو يصلي قال يقول هكذا وبسط جعفر بن عوف كفه وجعل بطنه أسفل وظهره إلى فوق فإن قلت هذا يقتضي عدم الكراهة وقد صرحوا بكراهة الرد بالإشارة وهو في الصلاة أجاب العلامة ابن أمير حاج بأنها كراهة تنزيه وفعله صلى الله عليه وسلم إنما كان تعليما للجواز فلا يوصف بالكراهة قوله: "لأنه كلام معنى" أورد عليه بأن الرد باليد كلام معنى وهو لا يفسد فالأولى أن يعلل الفساد فيها بأنه عمل كثير بخلاف الرد باليد أفاده السيد قوله: "هو الذي لا يشك الناظر الخ"

<<  <   >  >>