للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ركعة بل ركوع واحد لما رواه أبو داود أنه عليه الصلاة والسلام: "صلى ركعتين فأطال فيهما القيام" ثم

ــ.

ارتفاعها قدر رمحين والفقه في الحديث أن أهل الجاهلية كانوا يزعمون أن ذلك يوجب حدوث تغير في العالم كما يعتقده أهل النجوم من أن هذه الأجسام السفلية مرتبطة بالنجوم وأن لها تأثيرا في ذلك وأن العالم كرى الشكل والكسوف حيلولة الأرض بين الشمس وبين الأبصار فهو أمر عادي لا يتقدم ولا يتأخر فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن اعتقادهم هذا باطل وأن الشمس والقمر آيتان من آيات الله تعالى يريهما عباده ليعلموا أنهما مسخران بأمره ليس لهما سلطان في غيرهما ولا قوة الدفع عن أنفسهما فلا يستحقان أن يعبدا وأن هذا من أثر الإرادة القديمة وفعل الفاعل المختار فيخلق النور والظلمة في هذين الجرمين متى شاء بلا سبب وفي الفزع إلى الصلاة والسجود لله تعالى والتضرع إليه عند ذلك تحقيق إضافة الحوادث كلها إليه تعالى ونفي لها عما سواه وفي هذا دليل أيضا على أن الصلاة مستحبة عند حدوث كل آية من الآيات كالزلزلة والريح الشديدة والظلمة ونحوها كما في غاية البيان وقال تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً} [الأسراء ٥٩] والتخويف بهما لما فيهما من تبديل نعمة النور بظلمة لا سيما الكسوف فتفزع القلوب لذلك طبعا فكانا من الآيات المخوفة والله تعالى يخوف عباده ليتركوا المعاصي ويرجعوا إليه بالطاعة والإستغفار قوله: "وإلا فزاع" كالزلزلة والريح الشديدة والظلمة قوله: "سن ركعتان الخ" بيان لأقل مقدارها وإن شاء صلى أربعا أو أكثر كل شفع بتسليمة أو كل شفعين كما في البحر عن المجتبي والأفضل أر بع كذا في الحموي عن النهاية قوله: "كهيئة النفل" في عدم الأذان والإقامة وعدم الجواز في الأوقات المكروهة وفي إطالة القيام بالقراءة والأدعية التي هي من خصائص النفل وقيل يخفف القراءة إن شاء لأن المسنون استيعاب الوقت بالصلاة والدعاء فإذا خفف أحدهما طول الآخر وقيل يقرأ فيهما ما أحب كالصلاة المكتوبة وأما الركوع والسجود فإن شاء قصرهما وإن شاء طولهما كما في شرح السيد قوله: "من غير زيادة" مرتبط بقوله كهيئة النفل أي من غير زيادة ركوع ثان قوله: "فلا يركع ركوعين في كل ركعة" وقال مالك والشافعي وأحمد في المختار عنده في كل ركعة ركوعان لخبر ابن عباس وعائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم ركع ركوعين في كل ركعة متفق عليه ولنا أدلة كثيرة قال الكمال بعد ذكرها فهذه الأحاديث منها الصحيح ومنها الحسن قد دارت على ثلاثة أمور منها ما فيه أنه صلى ركعتين ومنها الأمر بأن يجعلوها كأحدث ما صلوا من المكتوبة وهي الصبح ومنها ما فصل فأفاد تفصيله أنها بركوع واحد وما ذهبنا إليه رواه كبار الصحابة فالأخذ به أولى لكثرة رواته وصحة أحاديثه وموافقته الأصول المعهودة لأنا لم نجد في شيء من الصلوات إلا ركوعا واحدا فيجب أن تكون صلاة الكسوف كذلك قال الإمام محمد وتأويل ما روى من الركوعين أنه صلى الله عليه وسلم لما أطال الركوع رفع بعض الصفوف رؤسهم ظنا منه أنه صلى الله عليه وسلم رفع رأسه من الركوع فرفع من خلفهم فلما رأوا رسول

<<  <   >  >>