للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالكتاب والسنة والإجماع "له صلاة" جائزة بلا كراهة وليست سنة لعدم فعل عمر رضي الله تعالى عنه لها حين استسقى لأنه كان أشد الناس اتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقد استسقى

ــ.

التعريف لمعناه الشرعي فالسين والتاء للطلب والإضافة من إضافة المصدر إلى مفعوله والسقيا بالضم الماء وذكر بعضهم أنه في اللغة طلب الماء مطلقا وغلب في الشرع على طلب المطر من الله تعالى على وجه مخصوص وهو مسنون عند الحاجة إليه في موضع لا يكون لأهله أودية وأنهار وآبار يشربون منها ويسقون مواشيهم وزروعهم أو كان لهم ذلك لكن لا يكفيهم فإن كان كافيا لا يستسقون كذا في القهستاني وقوله على طلب المطر من الله تعالى الأولى أن يقال طلب الماء ليعم طلب زيادة الأنهار لمن له نهر لا يكفيه كالنيل إذا كان لا يكفي وفي المطالع سقاه وأسقاه بمعنى واحد وقيل سقاه ناوله وأسقاه جعل له سقيا وقيل سقاه لشفتيه وأسقاه لماشيته وأرضه أود له عليه قوله: "بالاستغفار" الباء بمعنى مع وليس صلة للطلب لأن الوارد الطلب بنحو اللهم اسقنا غيثا مغيثا إلى آخر ما يأتي ويحتمل أن الطلب يكون بالاستغفار لأن الله تعالى رتب إرسال السماء عليه فقال تعالى: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ} [هود: ٣] الآية ولما روي أن عمر استسقى فلم يزد على الاستغفار قوله: "وشرع بالكتاب" وهو قوله تعالى حكاية عن نوح عليه السلام: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ} الآية روي أن قوم نوح لما كذبوه بعد طول تكريره الدعوة حبس عنهم القطر وأعقم أرحام نسائهم أربعين سنة وقيل سبعين سنة ووعدهم أنهم إن آمنوا رزقهم الله الخصب ورفع عنهم ما كانوا عليه وشرع من قبلنا شرع لنا إذا قصه الله ورسوله من غير إنكار وهذا كذلك كذا في الشرح قوله: "والسنة" صح في كثير الآثار أنه صلى الله عليه وسلم استسقى وكذا الخلفاء بعده وقد استسقى به صلى الله عليه وسلم وهو صغير أخرج ابن عساكر عن عرفطة ابن الحباب الأزدي رضي الله عنه قاله قدمت مكة وهم في قحط فقالت قريش يا أبا طالب أقحط الوادي وأجدب العيال فهلم فاستسق فخرج أبو طالب ومعه غلام كأنه شمس تجلت عنها سحابة قتماء وحوله أغيلمة فأخذه أبو طالب وألصق ظهره بالكعبة ولاذ الغلام بأصبعه وما في السماء قزعة فأقبل السحاب من ههنا وههنا وأغدق واغدودق وانفجر له الوادي وأخصب النادي والبادي وفي ذلك يقول أبو طالب:

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة للأرامل

قوله: "والإجماع" أجمعت عليه الأمة سلفا وخلفا من غير نكير كذا في البحر قوله: "جائزة بلا كراهة وليست سنة" روي أنه صلى الله عليه وسلم لما شكى عليه القحط رفع يديه يستسقي ولم يذكر فيه صلاة ولا قلب رداء فلم يدل على السنية إذا لم توجد المواظبة في أغلب الأحوال فالإمام مخير إن شاء فعلها وإن شاء تركها كذا في غاية البيان عن شرح مختصر الطحاوي قوله: "حين استسقى" روي عنه رضي الله عنه أنه خرج يستسقي فما زاد على الاستغفار قوله: "لأنه كان أشد الناس اتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم" علة للعلية والمعنى لأنه كان كذلك بعد الصديق

<<  <   >  >>