للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"النية" وهي لغة عزم القلب على الفعل واصطلاحا توجه القلب لإيجاد الفعل جزما ووقتها قبل الاستنجاء ليكون جميع فعله قربة. وكيفيتها أن ينوي رفع الحدث أو إقامة الصلاة أو ينوي الوضوء أو امتثال الأمر ومحلها القلب فإن نطق بها ليجمع بين فعل القلب واللسان استحبه المشايخ والنية سنة لتحصيل الثواب لأن المأمور به ليس إلا غسلا ومسحا في الآية ولم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي مع جهله وفرضت في التيمم لأنه بالتراب وليس مزيلا للحدث بالأصالة "و" يسن "الترتيب" سنة مؤكدة في الصحيح وهو "كما نص الله تعالى في كتابه" ولم يكن فرضا لأن الواو في الأمر لمطلق الجمع والفاء التي في قوله تعالى فاغسلوا.

ــ.

به ويتحقق الولاء في الفرائض والسنن كما أفاده السيد متعقبا للحموي في إفادته قصره على الفرائض قوله: "مع الاعتدال جسد أو زمانا ومكانا" فلو كان بدنه يتشرب الماء أو كان الهواء شديدا أو كان المكان حارا يجفف الماء سريعا فلا يعد تاركا له ولو كان طريا لا يجففه إلا في مدة مستطيلة وتأتي في الوضوء لا يكون آنيا بسنة الولاء قوله: "وهي لغة عزم القلب على الفعل" كذا قاله الجوهري وهو خلط إصطلاح بآخر كما هو دأبه لأنه معناها الشرعي وأما معناها لغة فليس في كلام أهل اللغة إلا أنها من نوى الشيء قصده وتوجه إليه والشارح عكس المعنيين قوله: "لايجاد الفعل جزما" الفعل أعم من فعل المأمورات وترك المنهيات ومدار الأمرين عليها لأن المكلف به في النهي هو كف النفس على الراجح لكن اعتبار النية للمتروك إنما هو لحصول الثواب لا للخروج عن عهدة النهي فإن مجرد الترك فيه كاف فلا يستحق الوعيد قوله: "أو ينوي الوضوء" ولو نوى الطهارة يكفيه عند البعض إعتبارا له بالتيمم قاله الزيلعي قوله: "استحبه المشايخ" فالمراد أنهم استحسنوه لجمعه مع القلب ولم يرد التلفظ بها عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة والتابعين والأئمة رضوان الله عليهم أجمعين قوله: "والنية سنة" وقال القدوري إنها مستحبة قوله: "لأن المأمور به ليس إلا غسلا ومسحا" ربما تفيد هذه العبارة أن الوضوء المأمور به لا تشترط له النية قال الحموي والتحقيق أن الوضوء المأمور به يتأدى بغير نية لأن المأمور به حصوله لا تحصيله كسائر الشروط وفي الإشباه عن بعض الكتب الوضوء الذي ليس بمنوي ليس بمأمور به ولكنه مفتاح للصلاة اهـ فإن أريد بالمأمور به ما يثاب عليه إرتفع التنافي قوله: "ولم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم" الواو حالية والظاهر تأنيثه لرجوعه إلى النية قوله: "لأنه بالتراب" أي وهو لم يعتبر مطهرا شرعا إلا للصلاة وتوابعها لا في نفسه فكان التطهير به تعبدا محضا وفيه يحتاج إلى النية كما في الفتح أو لأن لفظه ينبىء عن القصد والأصل أن يعتبر في الأسماء الشرعية ما تنبىء عنه من المعاني قوله: "وهو كما نص الله تعالى في كتابه" فيه أن الآية خالية عن الدلالة على ذلك وإنما جاء التنصيص من فعله عليه الصلاة والسلام قوله: "لتعقيب جملة الأعضاء" من غير إفادة طلب تقديم بعضها على بعض في الوجود فهو كقولك ادخل السوق فاشتر لنا خبزا ولحما حيث كان المفاد إعقاب الدخول بشراء ما ذكر والدليل لنا ما رواه.

<<  <   >  >>