للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأجمع العلماء على كراهته تنزيها لأمر طبي لا ديني "وأن يقول اللهم اجعلني من التوابين" أي الراجعين عن كل ذنب والتواب مبالغة وقيل هو الذي كلما أذنب بادر بالتوبة والتواب من صفات الله تعالى أيضا لأنه يرجع بالإنعام على كل مذنب بقبول توبته "واجعلني من المتطهرين" أي المتنزهين عن الفواحش وقدم المذنب على المتطهر لدفع القنوط والعجب ومن الآداب أنه لا يتوضأ بماء مشمس لأنه يورث البرص ولا يستخلص لنفسه إناء دون غيره لأن الشريعة حنيفية سهلة سمحة ومنه صب الماء برفق على وجهه وترك.

ــ.

قال ذاك أشر وأخبث وفي العتابية ولا بأس بالشرب قائما ولا يشرب ماشيا ورخص للمسافر ذكره الحلبي قوله: " وأجمع العلماء على كراهته تنزيها الخ" لا تسلم حكاية الإجماع فإنه لما تعارضت الأحاديث الدالة على النهي والأحاديث الدالة على الفعل اختلف العلماء في المخلص من التعارض فمن قائل إن النهي ناسخ للفعل ومن قائل بالعكس ومن قائل إن النهي ليس للتحريم بل للتنزيه لأنه لأمر طبي لا ديني وفعله لبيان الجواز ذكره ابن أمير حاج قوله: "أي الراجعين عن كل ذنب" فالمبالغة فيه من حيث الإعراض عن كل ذنب قوله: "وقيل هو الذي الخ" في هذا المعنى زيادة المبادرة قوله: "بقبول توبته" متعلق بالأنعام والباء للتصوير أو للسببية ولو زاد واو أو عطفه على الأنعام لكان أولى وأفاد بعضهم أن التواب في حقه تعالى بمعنى الموفق لها والذي يقبلها قوله: "أي المتنزهين عن الفواحش" وقيل الذين لم يذنبوا وخيره صاحب المنية بين أن يقوله بعد تمام الوضوء أو في خلاله وكلا الأمرين حسن كما قاله ابن أمير حاج قال غير أن الوارد أن يقوله بعد الفراغ متصلا بالشهادتين قوله: "لدفع القنوط" أي من المذنب قوله: "والعجب" أي من المتطهر فإن قلت إن جعله من أحدهما ينافي الآخر أجيب عنه بأن الواو بمعنى أو ولقائل أن يقول إن القنوط لا يتوهم مع طلبه أن يكون منهم فهو مندفع بالدعاء لا بالتقديم والعجب لا يتأتى من المتطهر لأنه من الكبائر وهو لم يذنب أصلا أو من الفواحش وهو متنزه عنها على أن مقام الدعاء لا يقال فيه ذلك فتدبر ويحتمل أن الضمير في قدم يرجع إلى الله تعالى أي في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة ٢٢٢] قوله: " إنه لا يتوضأ بماء مشمس" لقوله عليه السلام لعائشة حين سخنت الماء: "لا تفعلي يا حميراء فإنه يورث البرص" اهـ من الشرح قوله: "ولا يستخلص لنفسه إناء الخ" أي لا يجعله لنفسه خالصا من الشركة فقد سئل محمد بن واسع أي الوضوأين أحب إليك أمن ماء مخمر أو من متوضأ العامة قال من متوضأ العامة قال عليه السلام: "إن أحب الأديان إلى الله تعالى السمحة الحنيفية" اهـ من الشرح قوله: "حنيفية" أي مائلة عن الأديان الباطلة قوله: "سمحة" يرجع إلى معنى سهلة أو معناه مقبولة مرغوب فيها أي ومن سهولتها عدم الإستخلاص قوله: "وترك التجفيف" في آثار محمد أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم في الرجل يتوضأ فيمسح وجهه.

<<  <   >  >>