كلا ولا أظلمت ذكاء ولا ... بدت إذن في قرونها الشهب
يقضي عليها من ليس يعلم ما ... يقضي عليه هذا هو العجب
قد بان كذب المنجمين وفي ... أي مقال قالوا فما كذبوا؟
وفي سنة ثلاث وثمانين اتفق أن أول يوم في السنة كان أول أيام الأسبوع، وأول السنة الشمسية، وأول سني الفرس، والشمس والقمر في أول البروج، وكان ذلك من الاتفاقات العجيبة.
وفيها كانت الفتوحات الكثيرة، أخذ السلطان صلاح الدين كثيرًا من البلاد الشامية التي كانت بيد الفرنج، وأعظم ذلك بيت المقدس، وكان بقاؤه في يد الفرنج إحدى وتسعين سنة، وأزال السلطان ما أحدثه الفرنج من الآثار، وهدم ما أحدثوه من الكنائس، وبنى موضع كنيسة منها مدرسة للشافعية، فجزاه الله عن الإسلام خيرًا، ولم يهدم القمامة اقتداء بعمر -رضي الله عنه- حيث لم يهدمها لما فتح بيت المقدس، وقال في ذلك محمد بن أسعد النسابة:
أترى منامًا ما بعيني أبصر ... القدس يفتح، والنصارى تكسر؟
وقمامة قمت من الرجس الذي ... بزواله وزوالها يتطهر
ومليكهم في القيد مصفود، ولم ... ير قبل ذلك لهم مليك يؤسر
قد جاء نصر الله والفتح الذي ... وعد الرسول فسبحوا واستغفروا
يا يوسف الصديق أنت لفتحها ... فاروقها عمر الإمام الأطهر
ومن الغرائب أن ابن برجان ذكر في تفسيره: {الم، غُلِبَتِ الرُّومُ} [الروم: ١، ٢] أن بيت المقدس يبقى في يد الروم إلى سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، ثم يغلبون ويفتح ويصير دار إسلام إلى آخر الأبد، أخذًا من حساب الآية، فكان كذلك.
قال أبو شامة، وهذا الذي ذكره ابن برجان من عجائب ما اتفق، وقد مات ابن برجان قبل ذلك بدهر، فإن وفاته سنة ست وثلاثين وخمسمائة.
وفي سنة تسع وثمانين مات السلطان صلاح الدين -رحمه الله- فوصل إلى بغداد الرسول في صحبته لأْمة الحرب التي لصلاح الدين وفرسه، ودينار واحد، وستة وثلاثون درهمًا، لم يخلف من المال سواها، واستقرت مصر لابنه عماد الدين عثمان الملك العزيز، ودمشق لابنه الملك الأفضل نور الدين علي، وحلب لابنه الملك الظاهر غياث الدين غازي.
وفي سنة تسعين مات السلطان طغرلبك شاه ابن أرسلان بن طغرلبك بن محمد بن ملك شاه، وهو آخر ملوك السلجوقية.
قال الذهبي: كان عددهم نيفًا وعشرين ملكًا، أولهم طغرلبك الذي أعاد القائم إلى بغداد، ومدة دولتهم مائة وستون سنة.
وفي سنة خمسمائة واثنتين وتسعين هبت ريح سوداء بمكة، عمت الدنيا، ووقع على