الناس رمل أحمر، ووقع من الركن اليماني قطعة.
وفيها عسكر خوارزم شاه، فعدا جيحون في خمسين ألفًا، وبعث إلى الخليفة يطلب السلطنة، وإعادة دار السلطنة إلى ما كانت، وأن يجيء إلى بغداد، ويكون الخليفة من تحت يده، كما كانت الملوك السلجوقية، فهدم الخليفة دار السلطنة، ورد رسوله بلا جواب، ثم كفى شره كما تقدم.
وفي سنة ثلاث وتسعين انقض كوكب عظيم سمع لانقضاضه صوت هائل، واهتزت الدور والأماكن فاستغاث الناس، وأعلنوا بالدعاء، وظنوا ذلك من أمارات القيامة.
وفي سنة خمس وتسعين مات الملك العزيز بمصر، وأقيم ابنه المنصور بدله، فوثب الملك العادل سيف الدين أبو بكر بن أيوب وتملكها، ثم أقام بها ابنه الملك الكامل.
وفي سنة ست وتسعين توقف النيل بمصر بحيث كسرها، ولم يكمل ثلاثة عشر ذراعًا، وكان الغلاء المفرط بحيث أكلوا الجيف والآدميين، وفشا أكل بني آدم واشتهر، ورؤي من ذلك العجب العجاب، وتعدوا إلى حفر القبور وأكل الموتى، وتمزق أهل مصر كل ممزق، وكثر الموت من الجوع بحيث كان الماشي لا يقع قدمه أو بصره إلا على ميت أو من هو في السياق، وهلك أهل القرى قاطبة بحيث إن المسافر يمر بالقرية فلا يرى فيها نافخ نار، ويجد البيوت مفتوحة وأهلها موتى.
وقد حكى الذهبي في ذلك حكايات يقشعر الجلد من سماعها، قال: وصارت الطرق مزرعة بالموتى، وصارت لحومها الطير والسباع، وبيعت الأحرار والأولاد بالدراهم اليسيرة، واستمر ذلك إلى أثناء سنة ثمانٍ وتسعين.
وفي سنة سبع وتسعين جاءت زلزلة كبرى بمصر والشام والجزيرة، فأخرجت أماكن كثيرة وقلاعًا، وخسفت قرية من أعمال بصرى.
وفي سنة تسع وتسعين في سلخ المحرم ماجت النجوم، وتطايرت تطاير الجراد، ودام ذلك إلى الفجر، وانزعج الخلق، وضجوا إلى الله تعالى، ولم يعهد ذلك إلا عند ظهور رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
وفي سنة ستمائة هجم الفرنج إلى النيل من رشيد، ودخلوا بلدة فوه فنهبوها واستباحوها ورجعوا.
وفي سنة إحدى وستمائة تغلبت الفرنج على القسطنطينية، وأخرجوا الروم منها، وكانت بأيدي الروم من قبل الإسلام، واستمرت بيد الفرنج إلى سنة ستين وستمائة فاستطلقها منهم الروم.
وفيها -أي: سنة إحدى وستمائة- ولدت امرأة بقطيعاء ولدًا برأسين ويدين وأربعة أرجل، ولم يعش.
وفي سنة ست وستمائة كان ابتداء أمر التتار، وسيأتي شرح حالهم.
وفي سنة خمس عشرة أخذت الفرنج من دمياط برج السلسلة.