للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلاج الذي يعرفه الخاصة، وأكثر العامة، والعرب تستعمل الكي كثيرًا فيما يعرض لها من الأدواء١ وتعاطي الأسباب لا ينافي التوكل، ولكن مقام الرضا والتسليم أعلى من مقام تعاطي الأسباب٢ وترك الرقية [والكي] ٣٤ من تحقيق التوحيد، والناس فيه مراتب٥.


(١) ((معالم السنن)) للخطابي: (٤/ ١٩٧-١٩٨) .
(٢) وهذا مقيد بما إذا كانت هذه الأسباب مكروهة أو مباحة فيتركها العبد توكلا على الله لكونها أسبابا مكروهة, أما تعاطي الأسباب المشروعة فلا يقدح في مقام الرضا والتسليم.
(٣) قوله: (والكي) سقط من ((الأصل)) , وألحقته من بقية النسخ.
(٤) لو عبر بقوله: (وترك الاسترقاء والاكتواء) لكان أوفق للنص: ((الذين لا يسترقون ولا يكتوون)) ; لأن المقصود أن المكروه هو طلب الرقية والكي.
(٥) نقل القرطبي عن غيره أن استعمال الرقى والكي قادح في التوكل; لأن البرء فيهما أمر موهوم وما عداهما محقق عادة كالأكل والشرب فلا يقدح ثم تعقبه فقال: وهذا فاسد من وجهين: أحدهما: أن أكثر أبواب الطب موهوم. والثاني: أن الرقى بأسماء الله تعالى تقتضي التوكل عليه والالتجاء إليه والرغبة فيما عنده والتبرك بأسمائه, ولو كان ذلك قادحًا في التوكل لقدح الدعاء, إذ لا فرق بين الذكر والدعاء. ثم ذكر أن طائفة من الصوفية قالت: لا يستحق اسم التوكل إلا من لم يخالط قلبه خوف غير الله تعالى حتى لو هجم عليه الأسد لا ينزعج وحتى لا يسعى في طلب الرزق لأن الله ضمنه له. ثم تعقبه فقال: وأبى ذلك الجمهور وقالوا: يحصل التوكل بأن يثق بوعد الله ويوقن بأن قضاءه واقع, ولا يترك اتباع السنة في ابتغاء الرزق مما لا بد له منه من مطعم ومشرب وتحرز من عدو بإعداد السلاح وإغلاق الباب ونحو ذلك, ومع ذلك فلا يطمئن إلى الأسباب بقلب, بل يعتقد أنها لا تجلب بذاتها نفعًا ولا تدفع ضرًا, بل السبب والمسبب فعل الله تعالى, والكل بمشيئته, فإذا وقع من المرء ركون إلى السبب قدح في توكله. انظر: ((فتح الباري)) : (١١/ ٤٠٩-٤١٠) , كتاب الرقاق, باب يدخل الجنة سبعون ألفًا بغير حساب.

<<  <  ج: ص:  >  >>