للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما النصارى فإنهم مجمعون١ على ألوهية المسيح واعتقاد ربوبيته وأنه الإله الذي خلق العالم وجبل بيديه طينة آدم.

فإذا أثبتنا نبوّته وأوضحنا رسالته عُرِف أن الإله غيره، والرّبّ سواه، ونحن نثبت ذلك من كتب النصارى التي بأيديهم ونوضحه من قول المسيح / (١/٣٣/ب) وأقوال تلاميذه الذين صحبوه:

١- قال يوحنا التلميذ: "قال المسيح لتلاميذه: من قَبِلكم وآواكم فقد قبلني وآواني ومن قبلني فإنما يقبل من أرسلني. ما من عبد أفضل من سيّده"٢.

فهذا يوحنا حبيب المسيح يشهد بأن المسيح لم يَدَّع سوى الرسالة وأن من يقبل منه فإنما يقبل من الله الذي أرسله، ويذكر أن الله غيره وأن الرّب سواه، وأنه رسول من عند الله وها هو معترف بالعبودية في قوله: "ما من عبد أفضل من سيّده"، وذلك موافق للكتاب العزيز إذ يحكي منه: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِي الكِتَابَ وَجَعَلِنِي نَبِيّاً} . [سورة مريم، الآية: ٣٠] .

فإن زعم النصارى أنه سيد الحواريين وأنهم عبيده وأنه عناهم بقوله: "ما من عبد أفضل من سيّده" أكذبهم الإنجيل إذ يقول فيه: "إن الحواريين إخوته". "فقال له قائل: قابل إخوتك بالباب يطلبونك، فأشار إلى تلاميذه وقال: هؤلاء إخوتي"٣. "وقال له أحدهم: يا سيّد. فقال: لست أدعوكم عبيد بل أنتم


١ إن النصارى لم يتفقوا على ألوهية المسيح، إلاّ في القرن الرابع الميلادي بعد مجمع نيقية عام ٣٢٥م، بعد أن فرض الإمبراطور قسطنطين على المسيحيين القول بذلك بالوعد والوعيد والبسلطة. وبالرغم من ذلك فقد بقيت طوائف كثيرة على الاعتقاد بعدم ألوهية المسيح. ومن أبرزها: طائفة الأريوسية، وفي العصر الحديث نجد الكثير من الباحثين ومفكّري النصارى ينكرون ألوهية المسيح. (ر: المسيح في مصادر العقائد المسيحية - لأحمد عبد الوهّاب) .
٢ يوحنا ١٣/١٦، ٢٠.
٣ متى ١٢/٤٦-٤٩، مرقس ٣/٣١-٣٤، لوقا ٨/١٩-٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>