للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

إخوتي"١. "وقال بعد قيامه: قل لإخوتي يسبقوني إلى الجليل"٢.

فقد ثبت بقوله رسالته وأن الله غيره وأنه غير الله، والرسول نبي بسفر بين الله وبين خلقه.

فإن قالوا: نسلم أن الله أرسله ولا غرو / (١/٣٤/أ) أن يرسل الله كلمته رحمة لخلقه ولطفاً بهم، وذلك أنه لما أرسل الله أنبياءه، فكذّبوهم وقتلوهم بعث إليهم ابنه الذي هو كلمته فتجسدت من مريم البتول ليتهيأ للناس السماع منها والأخذ عنها.

فنقول: هذا تعريج على ثدنات٣ الحمق وترويج بِبُنيَّات٤ الطرق، وذلك لأن الكلمة عندكم قديمة، وهي علم الله على رأي بعضهم، ونطقه على رأي آخرين، وإذا كانت الكلمة قديمة، فكيف يصح إرسالها؟! أفتقولون إن الأب بعد إرسالها بقي أخرساً جاهلاً بغير علم ولا نطق؟! ثم الكلمة هي صفة العلم فكيف تفارق الصفة ذات الباري والصفة لا تفارق موصوفها؟! أو تقولون إن الصفة تقوم بمحلين؟!.

وأخبرونا كيف قَدِر الخلائق على رؤية الكلمة القديمة وثبتوا عند مواجهتها؟! والتوراة تشهد أن موسى بن عمران عليه السلام لم يثبت عند جلال التجلي بل خَرَّ صعقاً وصار الجبل يضطرم ناراً٥ وكذلك السبعون شيخاً ماتوا لوقتهم عند سماع كلام الله٦.


١ يوحنا ١٥/١٥، بألفاظ متقاربة.
٢ متى ٢٨/١٠.
٣ ثَدِنَ اللحم: تغيرت رائحته. وفلان كثر لحمه وثقل فهو ثَدِن، وأمرأة ثَدِنة: ناقصة الخلق. المراد به هنا: نواقص الحمق. (ر: القاموس ص ١٥٢٨) .
٤ بُنَيَّات الطرق: الترهات. (ر: القاموس ص ١٦٣٣) .
٥ خروج ١٩/١٦-١٩، تثنية ٥/٢٣.
٦ خروج ١٩/٢٠-٢٥، ٢٤/٩-١٨، تثنية٥/٢٤، ولم يرد فيها أنهم ماتوا عند كلام الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>