للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل لأبي بكر الصّدِّيق: ماذا تقول لربّك وقد استعملت علينا عمر؟ فقال: "أقول: استعملت على أهلك خير أهلك"١.

وذلك لكه للتشريف وإلاّ فلا مناسبة بين القديم والحادث والخالق والمخلوق وبعد، فقد كانت هذه الولادة - أعني ولادة التربية - مشهورة في الزمن الأوّل والدهر المتقدم، فكأن التبني بالغير مسوغ فانظر إلى المعنى الذي أشرنا إليه، ولم يزل ذلك كذلك إلى قبيل الإسلام ولما قال عزوجل: "إن زيداً٢ ابني يرثني وأرثه، رضي بذلك والد زيد وعمومته وانصرفوا"٣. فلما جاء الله بالإسلام والنبوة منع من ذلك رفعا للالتباس بالتسمية وأحكام الأبوة الدنيوية فقال جل من قائل: {ادْعُوهُم لآبَائِهِم} . [سورة الأحزاب، الآية: ٥] .

فإن أراد النصارى بالأبوة والبنوة المذهب الروحاني من التربية والتعليم والتهذيب والتقويم، لم نشاححهم في الألفاظ بعد فهم المعاني، لكنا نقول لهم: لا اختصاص للمسيح عزوجل بهذه البنوة، ونتلو عليهم ما تقدم مما نقلناه من التوراة والنبوات والإنجيل.


١ أخرجه ابن سعد في الطبقات ٣/١٩٩، ٢٧٤، بإسناده.
٢ زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي، حبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، الصحابي المعروف رضي الله عنه.
٣ إن موضع استشهاد المؤلِّف بأن زيداً عرف بابن محمّدصلى الله عليه وسلم لتربيته وتبنّيه له، قد أخرجه البخاري في كتاب التفسير. (ر: فتح الباري ٨/٥١٧) ، ومسلم ٤/١٨٨٤، والترمذي ٥/٦٣٤، عن ابن عمر - رضي الله عنهما ـ: "أن زيداً بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كنا ندعوه إلاّ زيد بن محمّد حتى نزل القرآن: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} .
وأما لفظ ما أورده المؤلِّف فقد أخرجه ابن سعد٣/٤٢،ابن حجر في الإصابة ٣/٢٥، من طريق هشام بن السائب الكلبي عن أبيه، وعن حميد بن مرثد الطائي وغيرهما في سياق طويل، إلاّ أنّ في إسناده محمّداً بن السالبي وهو متّهم بالكذب، ورمي بالرفض، من السادسة. (ر: التقريب ٢/١٦٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>