للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

(١/٨١/أ) الدليل على مساواة المسيح غيره في هذه البنوة وأنه لم يخص بها نفسه:

وذلك في الإنجيل كثير جداً قال المسيح في خاتمة الإنجيل: "أنا ذاهب إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم" فقد سوى بين نفسه وبين تلاميذه في هذا المعنى ويوضحه قوله: "وإلهي وإلهكم"، فإن رام النصارى تفرقة بين المسيح وبين غيره قلبنا عليهم الكلام وعكسنا المرام حتى يضطرهم الحجاج إلى جعل البنوة في حق المسيح وغيره بمعنى واحد.

قال المؤلِّف لقد فاوضني بعض الرهبان ممن يدَّعي بناناً في البيان، فأفضى الحديث معه إلى ذكر الابن والبنوة، فألزمته قول التوراة: "ابني بكري" وقلت له: لعل البكر يكون أحظى عند والده، وأولى بطريف١ بِرِّه وتالده٢، فما تقول في بنوة إسرائيل؟ فقال: إسرائيل وغيره ابن النعمة والمسيح ابن على الحقيقة، فعكست عليه كلامه فتبلد واختزى ولجأ إلى ضعف العبارة واعتزى٣.

وقد سوَّى المسيح بين نفسه وبين سائر المطيعين من عباد الله في هذه البنوة وقد أخبر يوحنا الإنجيلي في الفصل الثاني من الرسالة٤ الأولى أن إطلاق لفظ البنوة إنما هي / (١/٨١/ب) مجرد تسمية امتن الله بها عليهم تشريفاً لهم فقال: "انظروا إلى محبة الأب لنا أنه أعطانا أن ندعا له أبناء"٥. ثم قال في الفصل الثالث منها: "أيها الأحباء الآن صرنا أبناء الله وقد تبنَّن بنا فينبغي لنا أن نَنْزِله من الإجلال


(الطارف والطريف) من المال المستحدث وهو ضدّ التالد والتليد والاسم: (الطرفة) . (ر: مختار الصحاح ص ٣٩٠) .
٢ التالد: المال القديم الأصلي الذي ولد عندك وهو ضدّ الطارف. (ر: مختار الصحاح ص٧٨) .
٣ أي: نسيب إلى ضعف العبارة والخزي والتبلد، وأصله عزا، عزاه، فااعتزى. (المرجع السابق، ص ٤٣١) .
٤ رسالة يوحنا الأولى من ضمن أسفار العهد الجديد.
٥ رسالة يوحنا الأولى ٣/١.

<<  <  ج: ص:  >  >>