للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الرّبّ يجلسه على كرسي أبيه داود"١. وذلك بشهادة جبريل عليه السلام. وإذا كان المسيح إنما هو ابن داود، فكيف لا ينهاهم عن قول ما لا يحسن قوله؟!. فإن قال النصارى: إنما نهاهم خوفاً من اليهود أن يفطنوا به إذ كانوا يرومون قتله.

قلنا: ألم تزعمواأنه إنما تعنى ونزل إلى الأرض ليقتل إيثاراًلكم وتخليصاً من العذاب الذي ورطكم فيه آدم بتعاطي الخطيئة؟! أفترونه ندم على ذلك؟! فهو يستتر ويتوارى خوفاً من القتل، أفتصفونه بالبداء والندم والجهل بعواقب الأمور؟! لقد كادالله هذه العقول وحادبها عن سواء السبيل.

- نوع منه آخر: قال لوقا: "كان كلّ من له مريض يجيء به إلى يسوع / (١/٩٤/ب) فيضع يده عليه فيبرأ فيقولون له: أنت ابن الله، فكان ينتهرهم ولا يدعهم ينطقون بهذا"٢.

انظر رحمك الله إلى انتهار المسيح من ينطق بلفظة البنوة ليعلم أن النصارى اليوم معرضون عن إنجيله سالكون غير سبيله.

فقد شهد لوقا بمثل ما شهد به مرقس، فإن زعموا أنه إنما نهاهم خشية اليهود قيل لهم: لو كان ذلك كذلك لما أكثر من فعل الآيات وفي فعلها وإظهارها ما يوجب شهرته وظهوره، فلما أكثر من المعجزات وأشاع فعلها دلّ على كذبكم في أنه نهاهم خشية أن يفطن به، بل إنما نهاهم لنصّ الإنجيل وبيان جبريل، حيث يقول: "إن يسوع هو ابن داود"، فلذلك لم يرض منهم بهذا الإطلاق.

وقد قال متى في إنجيله: "هذا ميلاد يسوع المسيح بن داود بن إبراهيم"٣. فشهد - وهو الصادق عندهم - أن أبا المسيح هو داود، وذلك ردّ على من زعم من النصارى أنه ابن الله - تعالى الله عن قولهم علوّاً كبيراً.


١ لوقا ١/٣٢.
٢ لوقا ٤/٤٠، ٤١.
٣ متى ١/١.

<<  <  ج: ص:  >  >>