للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وقفت نفسه لدى الحنجرة [فضنوا] ١ عليه بذلك، وعوَّضوه الخل مما هنالك، فلما تضافرت عليه فوق جذعةٍ الدواهي أعلن بقوله: إلهي إلهي، وصار بين اللصوص ثالثة الأثافي٢، وعُوِّض عن بلوغ المنى بالمنافي، ثم زهقت نفسه وفتح رمسه٣ وصار في صدر الأرض سراً مكتوماً، وعاد هذا الإله العظيم عديماً، ولما تمت له ثلاثة أيام في الرخام، قام من ذلك المكان ورجع إلهاً كما كان، فتلبِّس الحال الوبيل٤ وادَّرع٥ الذّل العريض الطويل، ولم يؤمن به إلاّ عصابة هي أقل من قليل.

فما أرى هذا الإله إلاّ نايل٦ الرأي فاسد الحسّ فطير٧ الفطرة مشؤوم الغرة٨ منقوص الهمة مظلم الفكرة٩، إذ عرض نفسه للمحن وأثار بين عباده الأحقاد والإحن، فلقد شان الربوبية وأزل بهجتها وطمس نورها وأطلق ألسن السفلة بنقصها، وثلبها حتى لقد شكك كثير / (١/٩٧/أ) منهم في الربوبية وسَهَّل


١ في ص (فطنوا) والتصويب من المحقِّق.
٢ الأُثْفَيَة: الحجر توضع عليه القدر، جمعه: أَثافي، وأُثَف. ورماه الله بثالثة الأثافي، أي: بالجبل، والمراد: بداهية، وذلك أنهم إذا لم يجدوا ثالثة الأثافي أسندوا القدر إلى الجبل. (ر: القاموس ص ١٦٣٦) .
٣ الرَّمس: الدفن والقبر، جمعه: أرْمَاس، ورموس. (ر: القاموس ص ٧٠٨) .
٤ وبيل: أي: ثقيل وخيم. (ر: مختار الصحاح ص ٧٠٧) .
٥ أدرع: أي: لبس. (ر: م. ن ص ٢٠٣) .
٦ هكذا في الأصل، والذي أراه أن الكلمة الصحيحة هي: "مائل"، وقد حصل لها تحريف من الناسخ والله أعلم.
٧ الفطير: ضدّ الخمير، وهو العجين لم يختمر، وكل شيء أعجتله عن إدراكه فهو فطير، يقال: إياك والرأي الفطير. (ر: مختار الصحيح ص ٥٠٧) .
٨ غُرّة كلّ شيء أوّله، وأكرمه. والغِرَّة: الغفلة.
٩ إن هذه الصفات القبيحة التي ذكرها المؤلِّف لازمة للإله الذي يعبده النصارى، وذلك بحسب ما ورد في أناجيلهم المقدسة عندهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>