للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

لاستنكف الرجل أن يعترف بوجود هذا الإله فضلاً عن أن يتعبد له ولأحال تصوّره ولرأى لنفسه عليه فضلاً لا ينكر ومزية من حقها أن تذكر فتشكر١.

قال المؤلِّف: ليس في الصنارى من يجحد مما ذكرته في هذا الفصل حرفاً واحداً بل قد / (١/٩٧/ب) مدوا أعناقهم للذل، وأسلبوا آذانهم للخزي وأنسوا بسماع التوبيخ، واستلانوا ملابس التقريع، فهم يتلون هذا الفصل تلاوة [المتبجح] ٢ ويبتهجون به ابتهاج [المُنْجح] ٣.

فالحمد لله الذي حَصَّننا بمعقل العقل عن سلوك هذا المذهب و [أنار لنا] ٤ بدهن الذهن [حلوك] ٥ هذا الغيهب.


١ ذكر أبو عبيدة الخزرجي في كتابه: (مقامع هامات الصلبان ص ١٢٣) ، والقرطبي في: (الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام ص ١٦٧) ، ما وصف أحد ملوك الهند-وكان من الملوك الذين يحكمون بالسياسة الدينية الذين لم يتقلدوا أتباع ملة دينية-وقد ذكرت له الملل الثلاث فقال: أما النصارى-وإن كان مناصبوهم من أهل الملل يجاهدونهم بحكم شرعي فلقد أرى ذلك بحكم شرعي، وإن كنا لم نر بحكم عقولنا قتالاً ولكن استثني هؤلاء القوم من جميع العالم، فإنهم قصدوا مضادة العقل وناصبوه العداوة، واستحلوا بيت الاستحالات مع أنهم حادوا عن المسلك الذي انتهجه غيرهم من أهل الشرائع، وقد كان لهم فيهم كفاية ولكنهم شذوا عن جميع مناهج العالم الشرعية الصالحة والعقلية الواضحة، واعتقدوا كلّ مستحيل ممكناً فلم يُعرَف عنهم شيء، وبنوا من ذلك شرعاً لا يؤدي البتة إلى صلاح نوع من أنواع العلام إلاّ أنه يُصيِّر العاقل إذا تشرع به أخرق أحق والمرشد سفيهاً والمحسن مسيئاً؛ لأن من كان في أصل عقيدته-التي نشأ عليها-الإساءة إلى الخالق، والنيل منه بوصفه بغير صفاته الحسنى فخليق به أن يستحل الإساءة إلى مخلوق.
وكذلك ما بلغنا عنهم في خلقهم من جهل وضعف العقل والطمع والبخل ومهانة النفس وخساسة الهمة والقدر وقلة الحياء إلاّ قليلاً منهم. فلو لم تجب مجاهدة هؤلاء القوم إلاّ لعموم أضرارهم التي لا تحصى وجوهه لكفى. وكما يجب قتل الحيوان المؤذي بطبعه، لا يلام المرء على قتل هؤلاء فكيف وثم من الموجبات ما تقدم؟! ". اهـ.
٢ في ص (المحج) ولعل الصواب ما أثبته. والله أعلم.
٣ في ص (المنجح) ولعل الصواب ما أثبته. والمنجح: هو الظفر بالشيء. أنجح زيد وهو منجح. كما في القاموس ص ٣١١.
٤ في ص (أنالنا) والصواب ما أثبته.
٥ في ص (حلول) والصواب ما أثبته.

<<  <  ج: ص:  >  >>