للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

١٨- موضع آخر:

صعود المسيح إلى السماء أغفله يوحنا ومتى فلم يذكراه وهما من الاثني عشر، وذكره لوقا ومرقس وليسا / (١/١٠٥/أ) من الاثني عشر بل من السبعين على أنهما قد اختلفا في ذلك - أعني لوقا ومرقس - فقال مرقس: "إن سيدنا يسوع لما قام كلَّم تلاميذه تكليماً ثم صعد من يومه"١. وخالفه في ذلك لوقا فقال: "إنما صعد بعد قيامه بأربعين يوماً"٢. وهذا تكاذب [فظيع] ٣ واختلاف فاحش شنيع.

ومما يخرم الثقة بنقلهم قول متي: "قال يسوع: حقّاً أقول لكم إنّ قوماً من القيام هاهنا لا يذوق الموت حتّى يرووا ابن الإنسان آتيا في ملكوته"٤.

ومعلوم أنه قد مضى من حين صدور هذا الكلام ما نيف على ألف عام ولم يأت في ملكوته، فإن قالوا: لم يعن إلاّ أنه يقوم من بين الأموات بعد ثلاث متتابعات.

قلنا: إنما قلتم إنه يأتي في ملكوته، وأيُّ ملكوت كان له في اليوم الثالث ومريم المجدلانية تبكي عليه وتسأل من يرشدها إليه؟!، وأيُّ مجد كان له في ذلك اليوم وهو من سوء الحال يشبهه بناطور البستان؟! ٥.


١ مرقس ١٦/٩-١٩، في سياق طويل.
٢ سفر أعمال الرسل للوقا ١/٣.
٣ في ص (فصيح) ولعل الصواب ما أثبته.
٤ متى ١٦/٢٨.
٥ إن مسألة وقت صعود المسيح إلى السماء حسب روايات الأناجيل مما وقع الخلاف فيه بين النصارى، ويحدّثنا عن ذلك د. أدولف هرنك - أستاذ تاريخ الكنيسة بجامعة برلين - في كتابه: "تاريخ العقيدة ص ٢٠١-٢٠٤) ، فيقول:
"إن الاعتقاد في أن يسوع صعد إلى السماء بعد أربعين يوماً من القيامة قد أخذ يشقّ طريقه تدريجياً ضدّ المعتقدات القديمة التي كانت تقول بأن القيامة الصعود حدثا في نفس الوقت، وكذلك ضدّ أفكار أخرى كانت تؤمن بوجود فاصل زمني أكبر بين الحاديثن، على أن بولس لا يعلم شيئاً عن الصعود كذلك لم يذكره كلّ من كليمنت وأجناتيوس وهرمس وبوليكارب.
وغالباً ما اتّحدت صيغة الكلام عن القيامة والجلوس عن يمين الله"، (كما في أقسس ١/٢٠، وأعمال الرسل ٢/٣٢) .
وحسبما جاء في إنجيل لوقا ٢٤/٥١، ورسالة برنابا ١/٩: "فإن الصعود إلى السماء قد حدث في نفس يوم القيامة".
"ومن المحتمل أن يكون ذلك ما جاء في إنجيل يوحنا ٢٠/١٧، أن القول بأن الصعود حدث بعد أربعين يوماً من القيامة قد ذكر لأوّل مرّة في سفر أعمال الرسل".
ثم يقول: "وقد قالت بعض الطوائف والمصادر المسيحية أن الصعود إلى السماء حدث بعد ثمانية عشرشهراً من القيامة، وقال أخرى: حدث بعدأحدعشرعاماً". اهـ.
(نقلاً من: المسيح في مصادر العقائد المسيحية-أحد عبد الوهّاب ص٣٠٥-٣٠٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>