للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقول: من أينَ جاءت النصارى هذه المحنة حتى وقفت على قول يوحنا هذا: "إن الكلمة صارت جسداً وحلّت فينا"، فتحققت أن تلك الصلاة وتلك الشريعة إنما أسست على هذه الكلمة الرذلة.

٢٤- فساد المنقول عن يوحنا أيضاً:

انفرد يوحنا وحده بفصل ذكره / (١/١٠٧/أ) في صدر إنجيله وهو في غاية التهافت والرِّكة فقال: "في البدء كانت الكلمة، والكلمة عند الله، والله هو الكلمة"١. وهذا كما ترى مضطرب من جهة لفظه ومعناه: أما اضطرابه من جهة لفظه فإن ذلك بمنْزِلة قول القائل: الكلام عند المتكلم والمتكلم هو الكلام، والعلم عند العالم والعالم هو العلم، والدينار عند الصيرفي والصيرفي هو الدينار، وذلك هو الجنون.


١ يوحنا ١/١، ونصّه: "في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله". يقول الأستاذ أحمد عبد الوهّاب في كتابه: (اختلافات في تراجم الكتاب المقدس ص ٤٢-٤٤: "إن النّصّ السابق هو ما تقوله ترجمة الكتاب المقدس للكاثوليك، والتراجم الإنجليزية والفرنسية التي درجنا على استخدامها.
إلاّ أن ترجمة العهد الجديد للكاثوليك، والعهد الجديد للمطبعة الكاثوليكية تقول: "والكلمة هو الله"، وهناك تراجم أخرى تختلف عن الترجمتين السابقتين، ففي ترجمة حديثة صدرت عام ١٩٨٥م، بعنوان: "العهد الجديد الأصلي"، تقرأ مقدمة إنجيل يوحنا كالآتي: "في البدء كانت الكلمة، وكانت الكلمة عند الله، وهكذا كان الكلمة السماوية، كانت في البدء عند الله، بها كلّ شيء عمل، وبدونها لم يكن شيء ... ". وكذلك تقول "ترجمة إنجليزية اليوم" الصادرة عن جمعية الكتاب المقدس الأمريكية في افتتاحية إنجيل يوحنا: "وكان الكلمة مثل الله". ثم نقل الأستاذ أحمد عبد الوهّاب كلام د. جون ربنسون - أسقف ولويش بإنجلترا - في إثبات خطأ القول: "وكان الكلمة الله أو والكلمة هو الله"، مستنداً على ترجمة "الكتاب المقدس الإنجليزية الحديثة" التي تترجم العبارة السابقة كالآتي: "وما كان الله، كان الكلمة".
قلت: هذا الخبط والخلط في فهم النصوص ناشئ عن سوء الترجمة وعدم الأمانة والدقة العلمية، وقد سبق لنا نقل كلام الأستاذ شارل جنيبر في الإشارة إلى دور الترجمة في تحريف الأناجيل لفظاً ومعنىً وإبدال المعنى الصحيح بالباطل. (ر: ص ١٤٢، ١٤٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>