للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

مساواته المسيح؛ لأن الرجل الفاضل المتقي قد يذكر ذلك لمن هو دونه في الفضل تواضعاً لله تعالى وفرار من تزكية النفس، وقد يكون القائل أفضل من المقول له وهذا واضح، وإلاّ فيوحنا هذا أكبر من المسيح سناً وأقدمهم تعميداً، ولقد عمَّد المسيح فيمن عمَّد وامتلأ من روح القدس وهو في البطن، ونبأ الله أباه زكريا ببركته، يشهد بجميع ذلك الإنجيل١.

وذلك كلّه يخصم النصارى في دعوى ربوبية المسيح ويفسد عليهم الأمانة التي ادّعوها في إثبات ألوهيته.

٢٨- موضع آخر:

قالت النصارى: قال داود في مزمور له: "قال الرّبّ لربي: اجلس عن يميني"٢. قالوا فقد سمى داود المسيح ربّه.

قلنا: فقد حكيتم / (١/١٠٩/ب) لنا عن إنجيل لوقا أنه قال: "قال جبريل لمريم: إنك ستلدين ابناً اسمه: يسوع يجلسه الله على كرسي أبيه داود"٣. فإن كان النقل الأوّل صحيحاً، فالثاني باطل، وإن كان الأوّل باطلاً، فالثاني صحيح، وإذا كان المسيح هو ابن داود بإخبار جبريل عن الله فكيف يكون ربّاً لداود؟! أما كان في النصارى من يتدبر ذلك قبل تسطيره، فإنه قد صار سبة عليهم آخر الدّهر.

٢٩- موضع آخر:

قالوا: قال متى: "قام المسيح من الموتى مساء يوم السبت"٤. وخالفه أصحابه فقاوا: "ما قام إلاّ صبيحة يوم الأحد بغلس"٥. وذلك مما يخرم الثقة بأصل الخبر، وسأوضح ذلك إن شاء الله إذا انتهيت إلى بابه.


١ لوقا ١/١٣-١٧.
٢ مزمور ١١٠/١.
٣ لوقا ١/٣٠.
٤ متى ٢٨/١-٧.
٥ مرقس ٦/١٦-١٩، لوقا ٢٤/١-٣، يوحنا ٢٠/١، ٢، وقد ذكر بان حزم في الفصل ٢/١٢٧-١٣٢ هذا الاختلاف بنحو ما أورده المؤلِّف.

<<  <  ج: ص:  >  >>