للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قال النصارى: هذا أيضاً لنا إذ لو كان غيره لم يخف ذلك ولبينه وقال: لست المسيح بل أنا رجل سواه.

قلنا: يحتمل وجهين:

أحدهما: أن يكون الشبه قد أدركته دهشة منعته من البيان والإفصاح عن حاله كما يجري للبشر، وهذا لا بُعد فيه أن يأخذ الله على لسانه ويسد عنه مادة الكلام صوناً لنبيّه المسيح أن يفصح الرجل عن أمره.

والوجه الثاني: أن يكون الشبه لِصديقيّته آثر المسيح بنفسه وفعل ذلك بعهد عهده إليه المسيح رغبة منه في / (١/١٢٤/ب) الشهادة فلهذا ورى في الجواب وجمجم في القول، ويؤيد هذا الوجه قول التلاميذ للمسيح أيام الخوف من إيقاع اليهود به: "بأنه لو دفعنا إلى الموت معك لمتنا"١. والشبه كان من جملة التلاميذ فلهذا وفَّى بما وعد من نفسه وهذا شيء لم تزل تفعله أصحاب الأنبياء في الحروب وغيرها [أن] ٢ يقوا بأنفسهم أنبيائهم فينالون بذلك الثناء في الدنيا والثواب في العقبى.

فقد وضح أن المجيب لرئيس الكهنة غير المسيح إذ لو كان المسيح لم ينكر ولم يُورِّ.

- الحجّة الثالث:

على حماية الله المسيح عليه السلام وأن المصلوب غيره. قال لوقا: "صعد يسوع إلى جبل الجلي ومعه بطرس ويعقوب ويوحنا فبينا هو يصلي إذ تغير منظر وجهه عما كان عليه، وابيضت ثيابه فصارت تلمع كالبرق، وإذا


١ مرقس ١٤/٢٧-٣١، وذكره المؤلِّف بالمعنى.
٢ إضفاة يقتضيها السياق، ولعلها سقطت من الناسخ. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>