للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

موسى بن عمران وإلياء قد ظهرا له، وجاءت سحابة فأظلتهم، فأما الذين كانوا مع يسوع فوقع عليهم النوم فناموا"١ قلت: هذا من أوضح الدلالة على رفع المسيح وحصول الشبه الذي نقول به؛ لأن تغيُّر صورة المسيح وتبدل لون ثيابه عما كانت عليه / (١/١٢٥/أ) وظهور موسى النبيّ عليه السلام وإلياء عليه السلام ومجيء السحاب يظللهم ووقوع النوم على التلاميذ من أقوى ما يتمسك به في حماية المسيح ووقوع شبهه على آخر سواه، فلا معنى لظهور هذين النّبيّين له ووقوع النوم على أصحابه إلاّ رفعه عليه السلام.

مما يؤيّده قول الإنجيل: "إن اليهود حين رفعوا المصلوب على الخشبة قالوا: دعه حتى نرى إن كان إلياء يأتي فيخلصه"٢. وهم يظنون أن المصلوب هو المسيح، وقد كان المسيح يقول لأصحابه: إن إلياء سيأتي.

والدليل على غلط النصارى: قول فولس الرسول في صدر رسائله زاريا عليهم: "أنهم لم يعرفوا الله تعالى، لكن أظلمت قلوبهم التي لا تفقه، فجهلوا واستدلوا بالله الذي لا يناله فساد شبه صورة الإنسان الفاسد؛ فلذلك أهملهم الله وتركهم وشهوات قلوبهم النجسة، فبدلوا حقّ الله بالكذب، وعبدوا الخلائق وآثروها على خالقها الذي له التسابيح والبركات، فلذلك وكلّهم الله إلى أولاد الفاضحة"٣.

فهذا فولس كأنما ألهم ما سيفتريه متأخرو النصارى/ (١/١٢٥/ب) إلهاماً، فنطق بذلك ردّاً عليهم وإزراء بعقولهم وتصريحاً بكفرهم وضلالهم.


١ متى ١٧/١-٨، مرقس ٩/٢-٨، لوقا ٩/٢٨-٣٦.
٢ مرقس ١٥/٣٦.
٣ رسالة بولس إلى رومية ١/٢١-٢٦، بألفاظ متقاربة.

<<  <  ج: ص:  >  >>