للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

عنهم، فقال: أنا يسوع، وفعل ذلك مرتين، وهم قد أنكروا صورته"١. وذلك دليل على الشبه ورفع المسيح؛ إذ أنكروا صورته وهو الناشئ بينهم والمربي في جماعتهم.

- الحجّة السادسة:

قول لوقا في إنجيله: "إن المسيح بعد قيامه صحب رجلين من أورشليم، وهما يطلبان قرية يقال لها: عمواس، فتبعهما وماشاهما، وكانت عيونهما ممسوكة عن معرفته فلما كلمهما عرفاه بعد ذلك"٢.

وقد حكى بعض النصارى أن المسيح قد أعطي قوة التحول من صورة إلى صورة، وذلك كلّه يشهد بصحة ما قلناه، وإذ التبس أمره على خواص أصحابه وتلاميذه حتى أنكروا هيئته وصورته وثيابه فما ظنك بغيرهم؟!

وقال لوقا أيضاً: "بينا التلاميذ / (١/١٢٦/ب) في غرفة لهم إذ وقف المسيح في وسطهم بعد قيامه، والتمس منهم شيئاً يأكله فأطعموه جزءاً من حوت، وشيئاً من شهد العسل"٣. وذلك كلّه يشهد بما قلناه حمايته في وصونه من أعدائه وإلقاء الشبه على غيره.


١ ورد النّصّ في إنجيل يوحنا ١٨/١-١ كالآتي: "فأخذ يهوذا الجند وخداماً من عند رؤساء الكهنة والفريسيين، وجاء إلى هناك بمشاعل ومصابيح وسلاح، فخرج يسوع وهو عالم بكل ما يأتي عليه، وقال لهم: من تطلبون؟ أجابوه: يسوع النصاري، قال لهم يسوع: أنا هو، وكان يهوذا مُسَلِّمُه أيضاً واقفاً معهم فلما قال لهم: إني أنا هو، رجعوا إلى الوراء وسقطوا على الأرض، فسألهم أيضاً: من تطلبون؟ فقالوا: يسوع النصاري. أجاب يسوع: قد قلت لكم إني أنا هو. فإن كنتم تطلبوني فدعوا هؤلاء يذهبون ... ثم إن الجند والقائد وخدام اليهود قبضوا على يسوع وأوثقوه". إن رواية يوحنا تعطينا صورة مختلفة تماماً عما روته الأناجيل الثلاثة عن حادثة القبض على المسيح وملابساتها، وقد سبق بيان ذلك.
٢ لوقا ٢٤/١٣-٣١، في سياق طويل، وقد ذكره المؤلِّف مختصراً. إن رواية لوقا لهذه الحادثة في إنجيله تفيد أن هذين التلميذين هما أوّل من رأى المسيح بعد قيامته من الموت - حسب زعمهم - وهي رواية تخالف ما ورد في أناجيل متى ٢٨/٩-١٧، ومرقس ١٦/٩-١٤، ويوحنا ٢٠-١٣-٢٦، ٢١/١-١٤،ـ وفيها: "أن أوّل من رأى المسيح بعد قيامه هي مريم المجدلية التي لم تعرفه".
٣ لوقا ٢٢/٣٦-٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>