للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الشمس وحال لون القمر"١. فذلك كذب ومحال وبهت لا يخفى بحال؛ لأنه لو كان صحيحاً لأطبق الناس على نقله ولم يبق إخفاء مثله، ولزال الشّكّ عن تلك الجموع في أمر يسوع، فحيث داموا على الحجّة له والتّكذيب عنه دلّ ذلك على كذب هذا النّقل.

ومما يوضح ما قلناه / (١/١٣٠/ب) أن الأناجيل تشهد في تمام هذا الفصل "أن جماعة من أصحاب يسوع شكوا فيه بعد ذلك فرجعوا عن رأيهم الأوّل"٢. وذلك يكذب قول من قال: "إن العالم تشوش لمصرع يسوع"٣. فإن قيل: إنما لم يشتهر ذلك لأن أصحاب يسوع لم يحضر منهم أحد خوفاً من اليهود، واليهود الذين شاهدوا هذه الآيات تواطؤا على كتمانها بغياً وحسداً.

قلنا: هذه الآيات إذا وقعت عَمَّ عِلْمُها من حضر ومن غاب من الأعداء والأحباب لأنها آيات نهارية، فما بال الهنود والسند والصين والسودان والفرس والترك وسائر الطوائف الذين لم يتعصبوا للأديان ولا انحازوا الملة وشريعة لم ينقلوا هذه الآيات ويلهجوا بها خلفاً عن سلف حقباً بعد حقب؟!!.


١ هذه رواية لوقا في إنجيله ٢٣/٤٤، ٤٥، ونصّها كالآتي: "فكانت ظلمة على الأرض كلّها إلى الساعة التاسعة وأظلمت الشمس وانشق حجاب الهيكل من وسطه ... ". ويعلّق على ذلك د. كيرد في كتابه: (تفسير إنجيل لوقا ص ٢٥٣) بقوله: "إن حدوث كسوف للشمس بينما يكون القمر بدراً - كما كان وقت الصلب - إنما هو ظاهرة فلكية مستحيلة الحدوث ... ولقد كان الشائع قديماً أن الأحداث الكبيرة المفجعة يصحبها نذير سوء، وكأن الطبيعة تواسي الإنسان بسبب تعاسته". اهـ. (نقلاً من المسيح في مصادر ص ١٧٤، لأحمد عبد الوهّاب) .
٢ ورد في سياق طويل في إنجيل لوقا الإصحاح (٢٤) ، ويوحنا الإصحاح (٢٠) ، وقد ذكره المؤلِّف مختصراً بالمعنى..
٣ إن روايات الأناجيل متناقضة في سرد الأحداث التي أعقبت الصلب، مما يؤكّد عدم الثقة في روايتها، فإن متّى قد انفرد بذكر الأمور العجيبة كتزلزل الأرض وتشقق ... الخ. ومرقس ١٥/٣٨، يقول: "وانشق حجاب الهيكل إلى اثنين من فوق إلى أسفل ... ". ولوقا ٢٣/٤٤، زاد على ما ذكره مرقس بكسوف الشمس. وأما يوحنا فإنه لا يعلم عن كلّ ذلك شيئاً. (ر: الإصحاح ١٩) . وهذا من أعجب العجب!!!.

<<  <  ج: ص:  >  >>