للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: قد عوَّضوه برجل غيره ونصبناه بدلاً منه لتتم العدة١.

قلت: فليس هذا المُعوَّض هو المخاطب بوعد المسيح بل غيره فقد أخلف قوله: "إن كرسيه لا يجلس عليه غيره، ولا يدين سبطه سواه". فأبلس العلج٢، ولم يحر جواباً.

وأما حكايتهم عنه: "أنه معهم إلى انقضاء الدهر"، فإنه نسألهم فنقول: هل تقولون إن هذا الكلام محمول على ظهره أو محمول على معناه دون ظاهر؟ فإن زعموا أنه محمول على الظاهر لزم منه أن يكون التلاميذ الأحد عشر الآن في قيد الحياة، وسِيَرُهم تُكَذِّب ذلك، إذ يقول إنّ القوم اخترموا موتاً وقتلاً.

وإن قالوا: إن ذلك محمول على المعنى دون الظاهر وهو أن الآن مع كلّ جاثليق وأسقف ومطران وقس وراهب٣ منهم، قيل: أهو معهم بذاته أم بعلمه؟! فإن زعموا أن المسيح معهم بذاته أكذبتهم شواهد العقول وشواهد


١ يزعم النصارى أن الحواريين قد اجتمعوا - بعد صعود المسيح - برئاسة بطرس بعد الصلاة وبمشورة الروح القدس؛ ليختاروا بالقرعة بديلاً عن يهوذا الأسخريوطي من تلاميذ المسيح، فوقعت القرعة على: "متياس". (انظر: سفر أعمال الرسل الإصحاح الأوّل) ولا يعلمون شيئاً عن حياته وخدمته. (ر: قاموس ص ٨٣٦) .
٢ العِلْجِ: الرجل من كفار العجم، ج علوج وأعلاج. (ر: القاموس ص ٢٥٤) .
٣ إن النصرانية المحرفة من الديانات الكهنوتية التي تعتد في قامة طقوسها على الكهنة أو ما يسمى بـ: (رجال الدين) ، ومما يدلّ على اختراع النصارى للكنيسة - ومعناها (مجمع) وهي مأخوذة من كلمة: (اكليزيا) اليوناينة - وللرتب الكنسية وتأثرهم في ذلك بالثقافات الوثنية ما ذكره البروفيسور شارل جنيبر في كتابه: (المسيحية نشأتها وتطوّرها ص ١٣٠، ١٣١، ١٣٥) ، حيث يقول: "إن المسيح لم ينشئ الكنيسة ولم يردها، ولعلّ هذه القضية أكثر الأمور المحققة ثبوتاً لدى أي باحث يدرس النصوص الإنجيلية من غير ما تحيز ... كما أن المسيح لم يصنع من الحواريين قساوسة، حيث لم يكن في حاجة إلى ذلك، وبدراسة ما قام به الحواريون فإننا لا نجد أنهم فكّروا في إنشاء الكنيسة، إذ ظلوا على إخلاصهم للدين اليهودي، وداوموا بكل دقّة على شعائره - ثم يقول -: ومن المرجح أن تأثير الجماعات الوثنية وتأثير النظم اليهودية وقعا عليهم (النصارى) في آنٍ واحدٍ، مع ترجيح اتّجاه على الآخر حسب ظروف الزمان والمكان، وقد فرضت الضرورات أنواع الوظائف، وسمى الموظفون بأسماء أخذت عن اللغة الشائعة مثل: (بريسبيتيروس) أي: شيخ، و (ايبسكوبوس) ، أي: مشرف، و (دياكونوس) ، أي: خادم، وقد تطورت معاني هذه الكلمات فيما بعد إلى: قسّ، أسقف، وشماس". أهـ. بتصرف يسير.
وهناك اختلاف في هذه الرتب بين الكنائس، فالكنيسة الكاثوليكية تتبع النظام البابوي ويرأسه الباب والكرادلة، وهم أصحاب الحقّ في تنظيم الكنيسة، وتنقسم الكنيسة إلى أبروشيات على رأس كلّ منها مطران، وفي كلّ أبروشية عدة كنائس يديرها الكهنة.
أما الكنيسة الأرثوذكسية (ومنها: الكنيسة القبطية) فإنها تتبع نظام الإكليروس ويبدأ من البطريرك ثم المطارنة، ثم الجثالقة، ثم الأساقفة، ثم القسس الممتازون ويسمون (القماصة) ، ثم القسس العاديون ويسمون (القساوسة) - وهؤلاء جميعاً أصحاب الرأي في تنظيم الكنيسة - ثم الشماس (دياكون) ، ثم معين الشماس (ايبودياكون) ، ثم القارئ (الأغنسطس) ، ثم المرتل (الأبصلتس) ، ولكلّ منهم وظيفة محدَّدة في الكنيسة. (ر: أسرار الكنيسة السبعة ص ١٨٦، وما بعدها - حبيب جرجس، الوسائل العملية للإصلاحات القبطية ص ١٢٨، ١٢٩، حبيب جرجس، المسيحية ص ٢٣٨-٢٤٠، د. أحمد شلبي) .

<<  <  ج: ص:  >  >>