للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

والعطش والكرب ما لا / (١/١٣٢/ب) يقصر في الألم عن القتل والصلب، وأنه استسقاهم ماء فسقوه خلاًّ، وسأل البقيا فأسمعوه كلاً، فصرخ على جذعه إلهي إلهي كيف تركتني؟!.

وصرح بالعبودية لا يتلقب ولا يكتني، ولم يزل ينزع في قوس النزاع حتى مرق سهم روحه، ولقد راموا كسر ساقيه كفعلهم برفيقيه، فعُجلت عليه منيته وأُبطلت عنه أمنيته، وأعول عليه أحبابه وتفرق من الفرق أصحابه، وسأل الوالي جسده فدفن وتصدق عليه بالكفن، وهذه لعمرك مَعَرَّة يأنف العاقل من إلصاقها بكلبه، فكيف يلصقها بربّه؟!.

وما أرى مُلحق هذا الفصل بكتاب النصارى إلاّ قد جعل له اليهود جُعْلاً على إلحاقه، ولستُ أُبعد ذلك، فإن يهوذا الأسخريوطي - أحد الاثني عشر المشهود له بالزعامة في المحشر - زعموا أنه ارتشى على يسوع ثلاثين درهماً من اليهود حتى أنزل به من الهوان ألواناً، وإذا كان هذا فعل يهوذا الذي هو أسنى من غيره وأفضل وأرمى عن قوس الصحبة القديمة وأفضل، وقد استمالته الدنيا فادَّرع الفضيحة واستهواه الهوى فحلّ عقيد١ / (١/١٣٣/أ) الصحيحة.

فما ظنك بمن لم يصحب المسيح ولم يلقه ومرض بداء الحسد فلم ينقه؟!.

فنسأل الله الذي شرفنا بالإسلام وعرفنا نبيّه عليه السلام أن يقطع عنا أشطان الشيطان ويصلنا بعباده الذين ليس له عليهم سلطان.

ومن أدل الدلالة على كذب النصارى في دعوى القتل والصلب: ما رواه متَّى في إنجيله قال متى: "سأل اليهود المسيح أن يريهم آية فقال: الجيل الشرير


١ العَقِيد والمُعَاقد: المُعاهد. (ر: القاموس ص ٣٨٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>