للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

أخرجوا من ديوان النبوة مثل نوح وإبراهيم عليهم السلام مع شهادة التوراة بأعلامهم ورسوخ أقداهم ومكالمتهم الحقّ ودعائهم الخلق١.

فإن قيل: فالمسيح جاء من غير/ (١/١٧٦/ب) فحل ونحن وأنتم قاطعون بطهارة مريم وبراءتها. وإذا كان لا بدّ من أب فلا أب له سوى الله تعالى.

قلنا: هذا من أضعف ما يُتَمسك به؛ وذلك أن التوراة مصرحة بأن الله تعالى خلق حواء من آدم، قال الله تعالى في صدر التوراة: "لا يحسن أن يبقى آدم وحده بل نخلق له زوجاً مثله، فألقى الله عليه النوم فنام فنَزَع ضلعاً من أضلاعه وأخلف له عوضه لحماً، فخلق الله من ذلك الضلع حواء زوجته"٢.

فإذا كان لا بدّ لها من أم فهل تقولون: إن الله أمها؟! فَخَلْقُ أنثى من ذكر بغير أم أعجب من خلق ذكر من أنثى بغير أب، وأعجب من هذين خلق بشر من غير أنثى ولا ذكر. وقد خلق الله آدم من تراب، فمن كان قادراً على أن يخلق بشراً من غير أبوين ولا يكون ابناً له كيف لا يقدر أن يخلق بشراً من أنثى ولا ذكر ولا يكون ابناً له؟!.


١ لقد وردت نصوص كثيرة في سفر التكوين من التوراة تثبت نبوة هؤلاء الأنبياء وإنزال الوحي عليهم، فأما نوح عليه السلام فقد ورد في الإصحاحات (٦-٩) النصوص الآتية: "فقال الله لنوح: نهاية كلّ بشر ... ". "وكلم الله نوحاً قائلاً: اخرج من الفلك ... "، "وقال الله لنوح: هذه علامة ... ". وغير ذلك.
وأما إبراهيم عليه السلام فقد ورد عنه في الإصحاحات (١٢-١٨، ٢٠-٢٤) نصوص كثيرة منها: "قال الرّبّ لأبرام: اذهب من أرضك". "ظهر الرّبّ لأبرام وقال له: أنا الله القدير ... ". (فقال الله له - أي: لملك جرار الذي أخذ سارة زوجة إبراهيم - في الحلم: ... فالآن ردّا امرأة الرجل فإنه نبيّ ... ". وغيرها.
وأما يعقوب عليه السلام فقد ورد عن الإصحاحات (٣٥، ٤٦) مثل ذلك، منها: "قال الله ليعقوب: قم اصعد ... ". "وقال له الله: اسمك يعقوب ... ". وغيرها. لكن التوراة المحرفة لا تذكر أي نشاط للدعوة لهؤلاء الأنبياء.
٢ سفر التكوين ٢/١٨-٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>