للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو سفيان للعباس: "لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيماً فقال له: اسكت فإنها النبوة"١. وقال: لقد أتيت كسرى في ملكه وقيصر في ملكه فما رأيت قوماً أهيب لملكهم من أصحاب محمّد لمحمّد صلى الله عليه وسلم٢.

وقال صناديد قريش: لقد أَمِرَ أَمْرُ ابن أبي كَبْشة٣، جد من أجداد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكذلك كان عليه السلام، فإن الله جمع له الكلّ كما قال يعقوب: النبوة، والملك، فاستقام أمره واستوسق٤ سلطانه واستتبت دولته وألقت إليه الدنيا سلطان مقاليدها فكان نبيّاً رسولاً كما كان سلطاناً مبعوثاً إلى الأحمر والأسود والقريب والبعيد، ولقد هابته الملوك وهادته واعتصمت منه بالذمم، وحضت على مؤازرته، وتابعه قيصر والنجاشي وملوك العرب.

فأما المسيح عليه


١ حديث العباس مع أبي سفيان - رضي الله عنهما - ورد في قصة فتح مكة - في سياق طويل - عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أخرجه ابن إسحاق. (ر: سيرة ابن هشام ٤/٦٤) ، وإسحاق بن راهويه في مسنده. (ر: المطالب العالية ٤/٢٤٤-٢٤٦ لابن حجر) . وأخرجه ابن سعد ٢/١٣٤-١٣٧، والبيهقي في الدلائل ٥/٣٢-٣٥، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٦/١٦٧-١٧٠٠، وقال: "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح". وقال الحافظ بن حجر: "هذا حديث صحيح".
٢ هذه مقالة أبي سفيان للعباس رضي الله تعالى عنهما في قصة الفتح حينما رأى أبو سفيان المسلمين يتلقون وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أخرجها البيهقي في الدلائل ٥/٣٩-٤٠، برواية موسى بن عقبة. ونقلها ابن كثير في البداية والنهاية ٤/٣٢٤.
٣ هذه مقالة أبي سفيان بن حرب قالها لأصحابه من كفار قريش بعد ما ساله هرقل ملك الروم عن أحوال النبي صلى الله عليه وسلم، وفد أخرجه البخاري في كتاب بدء الوحي باب (٧) . (ر: فتح الباري ١/٣١-٣٣) . ومسلم ٣/١٣٩٣-١٣٩٧، والبيهقي في الدلائل ٤/٣٧٧-٣٨٠، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في سياق طويل. قال الحافظ ابن حجر: "وابن أبي كبشة أراد به النبيّ صلى الله عليه وسلم؛ لأن أبا كبشة أحد أجداده، وعادة العرب إذا انتقصت نسبت إلى جدّ غامض"، وقال ابن قتيبة والخطابي والدارقطني: "وهو رجل من خزاعة خالف قريشاً في عبادة الأوثان فعبد الشعرى، فنسبوه إليه للاشتراك في مطلق المخالفة". وكذا قاله الزبير. قال: واسمه: "وجز بن عامر بن غالب". (ر: فتح الباري ١/٤٠) .
٤ استوسق: اجتمع وانتظم. (ر: القاموس ص ١١٩٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>