للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه السلام لشجاعته وإقدامه في طاعة ربه يصبغ لباسه بدماء المشركين كما ورد: "أنه حين رجع من بعض غزواته ناول سيفه ابنته فاطمة عليها السلام وقال: يا بنية أزيلي ما عليه فلقد أبلى عن أبيك اليوم"١.

وكيف لا يصفه يعقوب بذلك وقد روي: "أنه عليه السلام حمل في بعض مواقفه سبعين حملة على المشركين"٢.

وكذلك قول يعقوب عليه السلام: "يصبغ بعصير العنب رداءه". يعني: يغمس سيفه في دماء الكافرين، والسيف يسمى رداءاً وإزاراً. ولو تصرف متأول في كلام يعقوب فقدّم وأخّر فقال: يرخص الخمر بلباسه، / (١/١٨٢/أ) لكان محسناً؛ يعني: يحرم الخمر ويزيل وضرها بتقواه. قال الله تعالى: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيرٌ} . [سورة الأعراف، الآية:٢٦] .سمى التقوى لباساً.

وأما قوله: "عيناه أشدُّ سهولة من الخمر". فقد روي في حلاه: صلى الله عليه وسلم أنه كان بعينيه حمرة ظاهرة لا تفارقه٣، ويحتمل أن يكون أشار بذلك إلى


١ أخرجه ابن إسحاق معلقاً: (ر: السيرة ٣/١٤٦) ، وعنه الحاكم في مستدركه ٣/٢٤ عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم (من غزوة أحد) أعطى فاطمة ابنته سيفه فقال: يا بنية اغلسي عن هذا الدم، فأعطاها عليٌّ سيفه، قال: وهذا فاغسلي عنه دمه، فوالله لقد صدقني اليوم القتال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لئن كنت صدقت القتال اليوم لقد صدق معك القتال اليوم سهل بن حنيف وسماك بن خرشة أبو دجانة". وقال الحاكم: "حديث صحيح". وسكت عنه الذهبي.
٢ لم أقف على تخريجه بهذا النصّ، ولكن ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان من أشجع الناس وأصبرهم وأجلدهم، حتى قال بعض أصحابه: كنا إذا اشتدّ الحرب وحمى الوطيس نتقي برسول الله صلى الله عليه وسلم. (ر: الشمائل ص ١١٠ لابن كثير) .
٣ ورد في صفته صلى الله عليه وسلم في حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه أنه كان صلى الله عليه وسلم: "أشكل العينين". أخرجه مسلم ٤/١٨٢٠، وأحمد ٥/٨٦، ٨٨.
والشكلة: حمرة في بياض العينين، وهو محمود. والسهلة: حمرة في سواد العين. قاله القاضي وأبو عبيد وجميع أصحاب الغريب. (ر: شرح النووي لصحيح مسلم ١٥/٩٣) . وقد ورد أيضاً في حديث عليّ رضي الله عنه "أنه كان صلى الله عليه وسلم: "هدب الأشفار مشرب العينين بحمرة". أخرجه الإمام أحمد ١/٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>