للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

شدّة حيائه عليه السلام فإنه كان أشدّ حياءً وخفراً من الغذراء في خدرها١. فكان إذا أتى أهله تلفع من شدّة حيائه صلى الله عليه وسلم.

وكان لا [يجابه] ٢ أحداً في وجهه بما يكره٣، وإن أمضه ما يصدر منه عرَّض، فقال: ما بال قوم يفعلون كذا وكذا٤، ومال الرجال نولِّيه مما ولاّنا الله فيفعل كيت وكيت، وإن أقواماً استأذنوني في أمر فلا آذن لهم، وذلك لما طبعه الله عليه من الحياء والخفر والسكينة صلى الله عليه وسلم.

وأما قوله: "وأسنانه أشدُّ / (١/١/٢/ب) بياضاً من اللبن". فإن حمل على ظاهره فكذلك كان عليه السلام لكثرة محافظته على سنة السواك٥، وقد اختلف الفقهاء في وجوب السواك عليه صلى الله عليه وسلم٦.


١ قال تعالى: {إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ ... } . [سورة الأحزاب، الآية: ٥٣] . وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشدَّ حياءً من العذراء في خدرها ... " الحديث. أخرجه البخاري. (ر: فتح الباري ٦/٥٦٦) ، ومسلم ٤/١٨٠٩، والترمذي في الشمائل ص ٢٨٣.
٢ في ص (كبه) والتصويب من المحقِّق.
٣ عن أنس رضي الله عنه أن رجلاً دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه أثر صفرة - وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قَلَّما يواجه رجلاً في وجهه بشيء يكرهه - فلما خرج قال: "لو أمرتم هذا أن يغسل ذا عنه". أخرجه أبو داود ٤/٢٥٠، والترمذي في الشمائل ص ٢٧٣.
٤ عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النبيّ صلى الله عليه وسلم إذا بلغه عن الرجل الشيء لم يقل: ما بال فلان يقول؟! ولكن يقول: مابال أقوام يقولون كذاوكذا". أخرجه أبوداود٤/٢٥٠.
٥ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لولا أن أشقّ على أمتي - أو على الناس - لأمرتهم بالسواك مع كلّ صلاة". أخرجه البخاري واللفظ له. (ر: فتح الباري ٢/٣٧٤) . ومسلم ١/٢٢٠. وعن عائشة رضي الله عنها "أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته بدأ بالسواك". أخرجه مسلم ١/٢٢٠.
٦ عن عبد الله بن حنظلة الغسيل: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤمر بالوضوء لكلّ صلاة طاهراً كان أو غير طاهر، فلمَّا شقّ ذلك عليه أمر بالسواك عند كلّ صلاة". أخرجه أبو داود ١/١٢، وابن خزيمة وابن حبان والحاكم ١/١٥٥، والبيهقي في السنن، وذكر ذلك السيوطي في الخصائص ٢/٣٩٧. قال الحاكم: "حديث صحيح، على شرط مسلم، ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>