للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

النصارى؛ بل يعتقد نبوته ورسالته، وأنه مخلوق بجسمه وروحه، ففشت مقالته في النصرانية فتكاتبوا واجتمعوا بمدينة نيقية١ عند الملك قسطنطين٢ وتناظروا فشرح آريوس مقالته فردّ عليه الأكصيدروس٣ بطريك الإسكندرية وشنع مقالته عند الملك قسطنطين ثم جلس الأكصيدروس وجماعة من حضر


١ نيقية: مدينة قديمة بآسيا الصغرى اسمها اليوم: (أزنيق) ، أسست في القرن (٤ ق. م) وكانت عاصمة الإمبراطورية البيزنطية (١٢٠٤-١٢٠٦م) . (ر: الموسوعة الميسرة ص ١٨٦٧، المنجد في الأعلام ص ٧٢١) .
٢ الإمبراطور قسطنطين الكبير: ابن غير شرعي لضابط روماني اسمه: (قنسطنطيوس) من خادمة إحدى الحانات اسمها: (هيلانة) ، ولم ينل قسطنطين حظاً وافراً من العلم، إذ انحرط في الجندية مبكراً، وبعد وفاة والده - الذي تقاسم الإمبراطورية الرومانية مع جليروس بعد اعتزال الإمبراطور دقلديانوس، نادى به الجند إمبراطور سنة ٣٠٦م إلاّ أن القائد مكسنيوس نازعه عرش الإمبراطورية، وبعد معارك طاحنة استطاع قسطنطين القضاء على منافسه في معركة جسر ملفيان سنة ٣١٢م، بفضل دعم النصارى له بسبب تسامحه الديني الذي أظهره نحوهم بعد ما رأى كثرة عددهم في إمبراطوريته، وليضمن تأييدهم فقد أدَّعى أنه رأى - قبل معركة - في حلمه صليباً من نور في السماء وصوتاً يقول له: بأنه سينتصر بهذا الشعار، وبعد المعركة أصدر مرسوم ميلاد سنة ٣١٣م وفيه اعتبار النصرانية ديانة مرخصة، ثم في ٣٢٤م ادّعى قسطنطين اعتناقه النصرانية بدلاً عن الوثنية الرومانية إلاّ أنه لم يعتمد ويعلن اعتناقه النصرانية رسمياً إلاّ وهو على فراش الموت سنة ٣٣٠م. (ر: قصة الحضارة ١١/٣٨٢-٤٠٣، حياة قسطنطين - يوسابيوس القيصري، الموسوعة الميسرة ص ١٣٧٩، المسيحية نشأتها ص ١٧٢، ١٧٣، شارل جنيبر، يا أهل الكتاب ص ٢٠٦-٢١١، الدكتور رؤوف شلبي) .
وعُذري في هذا الاستطراد هو أن دور قسطنطين في انحراف المسيحية لا يقل أهمية وخطراً عن دور بولس اليهودي، فإن كان بولس قد زرع بذرة التثليث وما يتبعها من الانحرافات فإن قسطنطين هو الذي نمى شجرة التثليث ورعاها ونشرها بقوة السلطان، حيث إن الوثنية الرومانية يعتنقها قسطنطين دفعته إلى تأييد القائلين بالتثليث وألوهية المسيح - وهم أقلية - في مجمع نيقية ضدّ الأكثرية وهم الآريوسية القائلون بالتوحيد وبشرية المسيح.
أما حقيقة تنصر قسطنطين فيوضحه لنا المؤرخ ول ديورانت بقوله: "إن اعتناق قسطنطين المسيحية حركة بارعة أملتها عليه حكمته السياسية!! وبأنه قلما كان يخضع لما تتطلبه العبادات المسيحية من شعائر وطقوس، وبأنه لم يكن مسيحياً حقّاً وإنما كانت المسيحية عند قسطنطين وسيلة لا غاية". اهـ. وبنحو ذلك ذكره أيضاً المؤرخ فاسيليف، والمؤرخ فيشر في كتابه: (تاريخ أوربا، العصور الوسطى) .
٣ ذكر ابن تيمية في الجواب الصحيح ٣/٢٠، أن اسمه الإكصندروس، والصحيح أنه إلكسندروس أو إلكسندر (ALEXANDAR) ولد بالإسكندرية، وأصبح سنة ٢٩٥م البطريرك التاسع عشر للكرازة المرقسية (بابا الكنيسة القبطية بالإسكندرية) . وقد كان تلميذ البابا بطرس وروفيق أرشلاوس البابا الذي كان قبله، وكانت مدة جلوس إلكسندروس على كرسي الكرازة المرقسية (١٥) سنة. ومات في ١٧ أبريل سنة ٣٢٨م. (ر: أخبار بطاركة كرسي المشرق ص ١٨٢-٢٠١/ عمرو بن متى، السنكسار ٢/١٢٧، ١٢٨، جمع مجموعة من القساوسة) .

<<  <  ج: ص:  >  >>