للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المؤلِّف - عفا الله عنه -: هذه الأمانة التي أجمع عليها اليوم سائر فرق النصارى من اليعاقبة والملكية والنسطورية، وهي التي يزعمون أنهم لا يتمّ لهم عيد ولا قربان إلاّ بها، وهي مع كونها لا أصل لها في شرع الإنجيل ولا١ مأخوذة من قول المسيح ولا أقوال تلاميذه مضطربة متناقضة / (٢/٢٨/أ) متهافتة٢ يكذب بعضها بعضاً ويعارضه ويناقضه٣.

وبيان ذلك من وجوه:

أحدها: قولهم: "نؤمن بالله الواحد الأب ضابط الكلّ مالك كلّ شيء صانع ما يرى ولا يرى". فهذا أوّل الأمانة قد أثبتوا فيه الانفراد لله٤ بالألوهية والربوبية والوحدانية. وأنه المستبد بالخلق والاختراع. وأنه مالك كلّ شيء وضابطه وخالقه. فدخل في هذه المخلوقات المسيح روح القدس وغير ذلك. وذلك أنهما إن كانا مرئيين كالأجسام والأعراض فالأب الواحد خالقهما، وأن كانا غير مرئيين كالأرواح والعقول فالأب خالقهما وصانعهما، فهذا كلام حسن لو ثبتوا عليه ولم يشوشوه بالتشريك، غير أنهم نقضوا٥ ذلك على الفور


١ و (٢) في م: (وألا) .
٢ في ص (متاهفتة) والصواب ما أثبتّه.
٣ لقد اهتم علماء المسلمين بهذه الأمانة لأهميتها عند النصارى كما ذكر المؤلِّف. فلا يخلو كتاب في الرّدّ عليهم من ذكر هذه الأمانة والإشارة إلى تناقضها واستحالتها أو تحليلها ونقدها بالعقل والنقل. ومن تلك الكتب: تثبيت دلائل النبوة ١/٩٤، ٩٥، للقاضي عبد الجبار، الملل والنحل ١/٢٢٣، للشهرستاني، الفصل في الملل والنحل ١/١١٨ لابن حزم، والجواب الصحيح ٢/١١٩-١٢١، لابن تيمية، وهداية الحياري ص ٢٦٨، ٢٦٩، لابن القيم، تحفة الأريب ص ١٧٤-١٨٤، لعبد الله الترجمان، أدلة الوحدانية ص ٩٨-١٠١، للقرافي، النصيحة الإيمانية ص ١٨٥-١٦٠، لنصر المتطبب.
ولقد تتبع المؤلِّف نصّ هذه الأمانة فقرة فقرة ونقدها نقداً علمياً بأدلة العقل والنقل. وهذا مما يميّز ردّ المؤلِّف - رحمه الله - عن سائر الرذود الأخرى ويجعل ردّه على هذه الأمانة من أشمل الردود التي وقفت عليها من كتب التراث - حسب علمي القاصر -. وقد اختصر أبو الفضل المالكي هذا الكتاب في مختصره سمّاه: (المنتخب الجليل من تخجيل مَنْ حرَّف الإنجيل) .ونقل هذه الردود بأكملها في الباب الرابع منه.
كما تتبع د. أحمد حجازي السقا في كتابه القيِّم: (أقانيم النصارى ص٥٩-٦٦) فقرات هذه الأمانة بالتحليل والنقد الشامل.
٤ في م: الله.
٥ في م: نقضوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>