للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالوا: "ونؤمن أيضاً أن مع هذا الإله الواحد المستبد بخلق ما يرى وما لا يرى [رباً آخر١ واحداً٢ أتقن العوالم بيده وخلق كلّ شيء". وفي أوّل الأمانة بأن الله هو خالق كلّ شيء. ثم لم يلبثوا أن قالوا: كلا ولكن المسيح ابن مريم هو خالق كلّ شيء ومتقنه. وهذا غاية التناقض. وفيه عبادة رجل من بني آدم مع الله سبحانه. لأن يسوع المسيح اسم / (٢/٢٨/ب) للإنسان المنفصل من مريم، وذلك مناقض لاعتقاد الماضين من أسلافهم وأكابر دينهم ومُدوِّني إنجيلهم كما قدمناه في مواضعه. ومناقض لما اشتملت عليه التوراة والمزامير وسائر النبوات من توحيد الله وإفراده بالربوبية والألوهية.

- الوجه الثّاني: قول الأمانة: "إن يسوع المسيح ابن الله بكر الخلائق الذي ولد من أبيه". وذلك مشعر بحدوث المسيح إذ لا معنى لكونه ابنه إلاّ تأخره عنه وتقدم والده عليه في الوجود. إذ الولد والوالد لا يكونا معاً في الوجود. إذ كونهما معاً مستحيل ببداية العقول.

وكذلك قولهم: "إن يسوع بكر الخلائق كلّها". مع ما في لفظه من الزيادة، لا يفهم منه إلاّ أن المسيح خلقه الله قبل خلق كلّ الخلائق؛ لأن باكورة الشيء أوّله. وذلك مناقض لقولهم في الأمانة: "وليس المسيح بمصنوع بل هو إله حقّ". فبينا هو في الأمانة مولود مصنوع إذ نعتوه بكونه غير مصنوع، فصار حاصل هذا الكلام أن المسيح مخلوق غير مخلوق، وكفى بذلك تجاهلاً وخذلاناً؛ لأن الأب لا [يخلو] ٣ أن يكون / (٢/٢٩/أ) ولد وَلَداً لم يزل. أو وَلَدَ ولداً لم يكن. فإن قالوا: ولد ابناً لم يزل.


١ في ص (رب آخر واحد) والصواب ما أثبتّه
٢ ليست في (م) .
٣ في ص (يخلوا) والصواب ما أثبتّه.

<<  <  ج: ص:  >  >>