للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

أكذبهم الإنجيل والنبوات، إذ يقول المسيح في الإنجيل: "إني أقيم الناس يوم القيامة عن يميني وشمالي فأقول لأهل اليمين: فعلتم كذا وكذا فاذهبوا إلى النعيم المعدِّ لكم قبل تأسيس الدنيا، وأقول لأهل الشمال: فعلتم كذا وكذا فاذهبوا إلى العذاب المعدّ لكم قبل تأسيس العالم"١.

وإذا كان هذا حالكم في الدنيا والآخرة، فأين الخلاص الذي تدعون أن الإله تعنى ونزل إلى الأرض وأكل وشرب وخامرته الهموم والغموم وذاق الموت ليحصِّله لكم، وسميتموه بسببه: "مخلص العالم". وإذا لم يحصل لكم الخلاص الذي تدعون فقد بطلت الأمانة.

فهذا بحثنا عن ماهية الخلاص الذي جاء لأجله فلم / (٢/٣٢/أ) يتهيأ له؛ بل بقيتم مركوسين منكوسين على ما كنتم عليه قبل مجيئه.

فأخبرونا ممن خلّصكم؟! هل كان قد غلبه عليكم غالب؟ أو سلبكم من يديه سالب؟ وهل كان معه مزاحم له عليكم أوقع بكم من المكروه ما اضطرّه إلى تجشمه هذه النقائص لخلاصكم؟!.

فإن قلتم: إنه كان له عدوّ مناصب، قد عاث في مملكته حتى استولى٢ عليها وحاز أطرافها وجرت٣ فيها أحكامه شرقاً وغرباً وجنوباً وشمالاً، فما نرى هذا العدوّ الذي تدعون إلاّ أعظم منه مملكة. وأعزّ جانباً، وأنفذ قدرة، ومن كان هذا حاله فهو لا شكّ أحقّ بالعباد والبلاد منه.


١ متى ٢٥/٣١-٤٦، في سياق طويل. قد ذكره المؤلِّف مختصراً.
٢ في م: اسوى
٣ في م: جرب

<<  <  ج: ص:  >  >>